(وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ).
أي إنه شديد الحبّ للمال والمتاع. (١) وهذا الانشداد المفرط بالمال والثروة هو سبب هذا البخل والكفران.
كلمة (الخير) لها معنى واسع يشمل كل نعمة. كثير من النعم مثل العلم والمعرفة والتقوى والجنّة والسعادة ليست مذمومة ، ولا ينكر عليها القرآن. لذلك فسر الخير في الآية بأنه (المال). يدل على ذلك قرينة المقام والآية السابقة ، وآيات أخرى كقوله سبحانه : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ) (٢).
إطلاق «الخير» على المال في الآية يعود إلى أن المال في حد ذاته شيء حسن ، ويستطيع أن يكون وسيلة لأنواع الخيرات. لكن الإنسان الكنود يصرفه عن هدفه الأصلي ، وينفقه في طريق ذاتياته وأهوائه.
وفي استفهام استنكاري يقول سبحانه :
(أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ).
(وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ) وانكشف ما في نفسه من كفر وايمان ، ورياء وإخلاص وغرور وتواضع وسائر نيات الخير والشر.
(إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ). نعم ، فهو عليهم أعمالهم ونياتهم وسيجازيهم وفقها.
«بعثر» من «البعثرة» وهي البعث والإثارة والإخراج وبعثرة ما في القبور : بعث الموتى وإخراجهم من القبور.
«ما» اسم موصول لغير العاقل عادة ، وإنّما قال سبحانه :
__________________
(١) اللام في «لحبّ الخير» قد تكون لام التعدية أو لام العلة ، إن كانت للتعدية فيكون المعنى هو الذي ذكرناه ، وإن كانت للتعليل يكون المعنى : إنّ الإنسان بسبب حبّه للمال بخيل. والأوّل أنسب.
(٢) البقرة ، الآية ١٨٠.