صفة لازمة لطبيعة الإنسان ، فكيف يتناسب هذا مع ما يمتلكه الإنسان من ضمير يقظ وشعور فطري يدعوه إلى شكر المنعم وإلى التضحية؟
مثل هذا السؤال يطرح في المواضع التي تتحدث عن صفة بارزة من صفات الضعف الإنساني كقوله سبحانه عن الإنسان بأنه ظلوم وجهول (١)
وإنّه هلوع (٢) وإنّه يؤوس وكفور (٣) وإنّه ليطغى (٤).
فهل نقاط الضعف هذه قائمة في طبيعة الكائن البشري؟ كيف يمكن أن يكون هذا والقرآن يقول : (وَلَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً) (٥)
جواب هذا السؤال يتّضح لو عرفنا أن الإنسان له بعدان وجوديان. ولذلك يستطيع في منحناه الصعودي أن يرتقي إلى أعلى عليين ، وفي منحناه النزولي إلى أسفل سافلين.
إذا خضع للتربية الإلهية واستلهم نداء العقل ، وبنى نفسه كان مصداقا لقوله سبحانه : (وَفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلاً).
وإذا أعرض عن الإيمان والتقوى ، وخرج عن خط أولياء الله كان موجودا ظلوما كفارا ويؤوسا وكفورا وهلوعا وكنودا.
من هنا فلا تناقض بين هذه الآيات ، وكل منها يشير إلى واحد من بعدي وجود الإنسان.
نعم ، في داخل فطرة الإنسان تمتد جذور كل الحسنات والمفاخر والفضائل ، كما إن فيه استعدادا لما يقابل هذه الفضائل.
__________________
(١) الأحزاب ، الآية ٧٢.
(٢) المعارج ، الآية ١٩.
(٣) هود ، الآية ٩.
(٤) العلق ، الآية ٦.
(٥) الإسراء ، الآية ٧٠.