منها يطير في اتجاه.
ويطرح هنا السؤال أيضا بشأن مشاهد الحيرة والتشتت والفزع والاضطراب ، هل هي من أثر الحوادث المرعبة المرافقة لنهاية العالم ، أم حوادث بدء القيامة والحشر والنشر؟ جواب السؤال يتّضح ممّا ذكرناه أعلاه.
ثمّ تذكر الآية التالية وصفا آخر لذلك اليوم وتقول :
(وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ).
و «العهن» هو الصوف المصبوغ.
و «المنفوش» هو المنشور ويتمّ ذلك عادة بآلة الحلج الخاصّة.
سبق أن ذكرنا أنّ القرآن الكريم في مواضع متعددة يتحدث عن الجبال عند قيام القيامة بأنّها تتحرك أوّلا ، ثمّ تدكّ وتتلاشى وأخيرا تصبح بشكل غبار متطاير في السماء. وهذه الحالة الأخيرة تشبهها الآية بالصوف الملون المحلوج ... الصوف المتطاير في مهبّ الريح ، لم يبق منه إلّا ألوان ... وهذه آخر مراحل انهدام الجبال.
هذا التعبير (العهن المنفوش) قد يكون إشارة إلى الألوان المختلفة للجبال ، فإنّ لها ألوان شتّى.
هذه العبارة تدل على أنّ الآيات أعلاه ، تتحدث عن المرحلة الاولى للقيامة وهي مرحلة العالم ونهايته. ثمّ تتطرق الآيات التالية إلى الحشر والنشر وإحياء الموتى وتقسيمهم إلى مجموعتين :
(فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ) أي إن ميزان عمله ثقيل.
(فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ ، وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ ، فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ ، وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ (١) نارٌ حامِيَةٌ).
__________________
(١) «ماهية» ، أصلها «ما هي» ، والهاء ألحقت بها للسكت.