مواضع الجمع اعتبارا بالمحاسبين (١) (بفتح السين).
بعض المفسّرين قال : إنّ الموازين جمع الموزون ، أي العمل الذي يوزن فثقل الموازين وخفتها إذن هو ثقل نفس الأعمال وخفتها. لا ثقل الميزان وخفته (٢).
نتيجة الإثنين طبعا واحدة ، ولكن من طريقين مختلفين.
في هذا الموضوع شرح أكثر فصلناه في تفسير الآيتين ٨ و ٩ من سورة الأعراف ، والآية (١٠٥) من سورة الكهف ، والآية (١٠٢) من سورة المؤمنون.
وصف العيشة بأنّها «راضية» وصف رائع عن حياة ملؤها النعمة ورغد العيش لأهل الجنّة في القيامة. الرضا في تلك الحياة عميق إلى درجة قال إنّها «عيشة راضية» ، ولم يقل «مرضية». أي استعمل بدل اسم المفعول اسم الفاعل لمزيد من التأكيد (٣).
هذه ميزة الحياة الآخرة بشكل خاص. لأنّ الحياة الدنيا ـ مهما كان فيها من رفاه ونعمة ورغد عيش ورضا ـ لا تخلو من المكدرات. الحياة الأخرى هي وحدها المليئة بالرضا والأمن والسلام وهدوء البال.
كلمة «أم» في قوله : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ) تعني المأوى والملجأ ، لأنّ «الأم» هي مأوى ابنائها وملاذهم ، ويكون معنى الآية : إنّ هؤلاء المذنبين الذين خفت موازينهم لا ملاذ لهم سوى جهنم ، وويل لمن كان ملجؤه جهنم.
وقيل : «أم» تعني «الدماغ» ، لأنّ العرب تطلق على الدماغ اسم «أم الرأس» ويكون معنى الآية أنّ رؤوس هؤلاء هاوية في جهنم ، بعبارة اخرى إنّ هؤلاء يلقون على رؤوسهم في نار جهنم. ونستبعد هذا الاحتمال ، لعدم انسجامه مع الآية
__________________
(١) المفردات ، ص ٥٢٢.
(٢) هذا الاحتمال ذكره الزمخشري في الكشّاف ، والفخر الرازي في التّفسير الكبير ، وأبو الفتوح الرازي في تفسيره.
(٣) قيل أيضا أنّ «راضية» بمعنى (ذات رضا). أو قدروا محذوفا كأن تكون عيشة مرضية لأصحابها. والتّفسير المذكور أعلاه أنسب من غيره.