وهناك من ينفقه في سبيل أهوائه وملذاته.
ليس أي واحد من هذه الأمور ـ دون شك ـ يمكن أن يكون ثمنا لتلك الثروة العظيمة ... ثروة العمر ... ثمنها الوحيد رضا الله سبحانه ومقام قربه لا غير. قال أمير المؤمنين علي عليهالسلام : «إنّه ليس لأنفسكم ثمن إلّا الجنّة فلا تبيعوها إلّا بها» (١).
وعن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليهالسلام في دعاء شهر رجب : «خاب الوافدون على غيرك وخسر المتعرضون إلّا لك».
ومن هنا كان أحد أسماء يوم القيامة «يوم التغابن» كما جاء في قوله سبحانه : (ذلِكَ يَوْمُ التَّغابُنِ) (٢). أي ذلك اليوم الذي يظهر من هو المغبون والخاسر.
إنّه لتنظيم رائع في علاقة العبد بربّه. فهو سبحانه من جهة يشتري رأس مال وجود الإنسان : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ...) (٣).
ومن جهة أخرى يشتري سبحانه رأس المال القليل : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (٤).
ومن جانب آخر يدفع مقابل ذلك ثمنا عظيما يبلغ أحيانا عشرة أضعاف وأحيانا سبعمائة ضعف ، وأحيانا أكثر : (فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ، وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (٥).
وكما ورد في الدعاء : «يا من يقبل اليسير ويعفو عن الكثير».
ومن جهة رابعة ، فإنّ كلّ رؤوس أموال الإنسان وثرواته قد وهبها الله إيّاه ... والله بفضله ومنّه ولطفه يعود ليشتري هذه الثروات نفسها بأغلى الأثمان!
* * *
__________________
(١) المصدر السابق ، الكلمة ٤٥٦.
(٢) التغابن ، الآية ٩.
(٣) التوبة ، الآية ١١١.
(٤) الزلزال ، الآية ٧.
(٥) البقرة الآية ٢٦١.