فاندهش أبرهة وقال لمترجمه : قل له إنّه احتل مكانا في قلبي حين رأيته ، والآن قد سقط من عيني. أنت تتحدث عن إبلك ولا تذكر الكعبة وهي شرفك وشرف أجدادك ، وأنا قدمت لهدمها؟!
قال عبد المطلب : أنا ربّ الإبل ، وللبيت ربّ يحميه؟!
عاد عبد المطلب إلى مكّة ، وأخبر أهلها أن يلجأوا إلى الجبال المحيطة بها ، وذهب هو وجمع معه إلى جوار البيت ليدعو فأخذ حلقة باب الكعبة وانشد أبياته المعروفة :
لا همّ إن المرء يمنع رحله فامنع رحالك |
|
لا يغلبن صليبهم ومحالهم أبدا محالك |
جروا جميع بلادهم والفيل كي يسبوا عيالك |
|
ولا همّ إن المرء يمنع رحله فامنع عيالك |
وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك
ثمّ لاذ عبد المطلب وجمع من قريش بإحدى شعاب مكّة وأمر أحد ولده أن يصعد على جبل (أبو قبيس) ليرى ما يجري.
عاد الابن مسرعا إلى أبيه وأخبره أن سحابة سوداء تتجه من البحر (البحر الأحمر) إلى أرض مكّة. استبشر عبد المطلب وصاح : «يا معشر قريش ادخلوا منازلكم فقد أتاكم الله بالنصر من عنده».
من جانب آخر ، توجه أبرهة راكبا فيله المسمى «محمودا» مع جيشه الجرار مخترقا الجبال ومنحدرا إلى مكّة ، لكن الفيل أبى أن يتقدم ، أمّا حينما يوجهوه نحو اليمن يهرول ، تعجب أبرهة من هذا وتحيّر.
وفي هذه الأثناء وصلت طيور قادمة من جانب البحر كأنها الخطاطيف وهي تحمل حجرا في منقارها وحجرين في رجلها ، بحجم الحمّصة ، وألقوها على جيش أبرهة ، فأهلكتهم. وقيل : إنّ الحجر كان يسقط على الرجل منهم فيخترقه