الحربية المتطورة في ذلك الزمان بحجارة من سجيل. ليتّضح ضعف هذا الإنسان المغرور المتكبر أمام قدرة الله.
التعبير بجملة (أَلَمْ تَرَ) في الآية ، مع أنّ الحادثة وقعت قبل ولادة النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو مقترنة بولادته ، يعود إلى أنّ الحادثة المذكورة قريبة العهد من عصر النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، كما إنّها بلغت من الشهرة والتواتر وكأن النّبي رآها بعينه المباركة. هذا إلى أن جمعا من معاصري الرسول كانوا قد رأوها بأعينهم.
عبارة (بِأَصْحابِ الْفِيلِ) إشارة إلى ما كان مع الجيش المهاجم من فيلة جاؤوا بها من اليمن ليرعبوا العرب وخيولهم (١).
(أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ)؟!
لقد استهدفوا الكعبة ليهدموها وليقيموا بدلها كعبة اليمن ، وليدعوا قبائل العرب إلى حج هذا المعبد الجديد. لكنّه سبحانه حال دون تحقق هدفهم ، بل زاد الكعبة شهرة وعظمة بعد أن ذاع نبأ أصحاب الفيل في جزيرة العرب ، وأصبحت قلوب المشتاقين تهوى إليها أكثر من ذي قبل ، وأسبغ على هذه الديار مزيدا من الأمن.
كيدهم إذن صار في تضليل ، أي في ضلال حيث لم يصلوا إلى هدفهم.
ثمّ تشرح الآيات التالية بعض جوانب الواقعة.
(وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ).
«أبابيل» لم تكن في لهجات العرب المعروفة اسما لطائر ، بل إنّها صفة ، قيل إنّ معناها جماعات متفرقة. أي إنّ هذه الطير كانت تأتي على شكل مجموعات والكلمة لها معنى الجمع. وقيل : إنّ مفرده (أبابلة) وهي المجموعة من الطير أو الخيل أو الإبل ، وقيل إنّ الكلمة جمع لا مفرد له من لفظه.
على أي حال عبارة «طيرا أبابيل» تعني طيرا على شكل مجموعات.
__________________
(١) الفيل ، لفظه مفرد ، وله هنا معنى الجنس والجمع.