الإنكار منها : «طرد اليتيم ، وعدم الحثّ على إطعام المسكين». أي إنّ الشخص المنكر للمعاد لا يطعم المساكين ، ولا يدعو الآخرين إلى إطعامهم.
واحتمل بعض أن يكون المقصود من الدين هنا القرآن أو الإسلام.
والمعنى الأوّل أنسب. ونظيره ورد في قوله تعالى : (كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ) (١) وقوله سبحانه : (فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ) (٢). وفي هذه الآيات ورد «الدين» بمعنى يوم الجزاء أيضا بقرينة الآيات الأخرى.
«يدع» أي يدفع دفعا شديدا ، ويطرد بخشونة.
و «يحضّ» أي يحرضّ ويرغب الآخرين على شيء ، والحضّ مثل الحثّ ، إلّا أن الحث ـ كما يقول الراغب ـ يكون بسوق وسير ، والحضّ لا يكون بذلك.
وصيغة المضارع في الفعلين (يدع) و (يحضّ) تدل على استمرارهم على مثل هذا العمل في حق الأيتام والمساكين.
ويلاحظ هنا بشأن الأيتام ، أنّ العواطف الإنسانية تجاه هؤلاء أكثر أهمية من إطعامهم وإشباعهم. لأنّ آلام اليتيم تأتي من فقدانه مصدر العاطفة والغذاء الروحي والتغذية الجسمية تأتي في المرحلة التالية.
ومرّة اخرى نرى القرآن يتحدث عن إطعام المساكين ، وهو من أهم أعمال البرّ ، وفي الآية إشارة إلى أنّك إذا لم تستطع إطعام المساكين ، فشجّع الآخرين على ذلك.
الفاء في «فذلك» لها معنى السببية ، وتعني أنّ التكذيب بالمعاد هو الذي يسبب هذه الانحرافات. والحقّ أنّ المؤمن بالمعاد وبتلك المحكمة الإلهية الكبرى وبالحساب والجزاء يوم القيامة ، إيمانا راسخا تظهر عليه الآثار الإيجابية لهذا الإيمان في كلّ أعماله. ولكن فاقد الإيمان والمكذب بيوم الدين تظهر آثار
__________________
(١) الإنفطار ، الآية ٩.
(٢) التين ، الآية ٧.