نزلت هذه السّورة قال النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لجبريل : «ما هذه النحيرة (١) التي أمرني بها ربّي؟» قال : «ليست بنحيرة ، ولكنّه يأمرك إذا تحرّمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت ، وإذا رفعت رأسك من الركوع وإذا سجدت ، فإنّه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع. فإن لكلّ شيء زينة ، وإنّ زينة الصلاة رفع الأيدي عند كلّ تكبيرة» (٢).
وروي عن الإمام الصادق عليهالسلام في تفسير الآية أنّه أشار بيده وقال : «هكذا».
أي استقبل بيديه القبلة في افتتاح الصلاة (رفع يديه جاعلا كفه مقابل القبلة) (٣).
والتّفسير الأوّل أنسب ، لأنّ المقصود هو الردّ على أعمال المشركين الذين كانوا يعبدون وينحرون لغير الله ، ولكن لا مانع من الجمع بين هذه المعاني ، خاصّة وقد وردت بشأن رفع اليد عند التكبير روايات كثيرة في كتب الشيعة والسنة.
وبذلك يكون للآية مفهوم جامع يشمل هذه المعاني أيضا.
وفي آخر آية يقول الله سبحانه لنبيّه ردّا على ما وصمه به المشركون : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ).
«الشانئ» هو المعادي من «الشنان» ـ على وزن ضربان ـ وهو العداء والحقد.
و «أبتر» في الأصل هو الحيوان المقطوع الذنب (٤). وصدر هذا التعبير من أعداء الإسلام لانتهاك الحرمة والإهانة. وكلمة (شانئ) فيها ايحاء بأنّ عدوك لا يراعي أية حرمة ولا يلتزم بأي أدب ، أي أنّ عداوته مقرونة بالفظاظة والدناءة.
والقرآن يقول لهؤلاء الأعداء في الواقع : إنّكم أنتم تحملون صفة الأبتر لا رسول
__________________
(١) «النحيرة» آخر الشهر ، لأنّ الإنسان يستقبل فيه الشهر الجديد. وسؤال النّبي لجبريل عن هذا الاستقبال للشهر الجديد ، لذلك قال له جبريل : ليست بنحيرة.
(٢) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٥٠.
(٣) المصدر السابق.
(٤) مجمع البيان ، ج ١ ، ص ٥٤٨.