«التسبيح» تنزيه الله من كل عيب ونقص.
و «الحمد» لوصف الله بالصفات الكمالية.
و «الاستغفار» إزاء تقصير العبد.
هذا الإنتصار الكبير أدى إلى تطهير الساحة من أفكار الشرك ، وإلى تجلي جمال الله وكماله أكثر من ذي قبل ، وإلى اهتداء من ضلّ الطريق إلى الله.
هذا الفتح العظيم أدى إلى أن لا يظن فرد بأن الله يترك أنصاره وحدهم (ولذلك جاء أمر التسبيح لتنزيهه من هذا النقص) وإلى أن يعلم المؤمنون بأن وعده الحق (موصوف بهذا الكمال) ، وإلى أن يعترف العباد بنقصهم أمام عظمة الله.
أضف إلى ما سبق ، أن الإنسان ـ عند النصر ـ قد تظهر عليه ردود فعل سلبية فيقع في الغرور والتعالي ، أو يتخذ موقف الانتقام وتصفية الحسابات الشخصية ، وهذه الأوامر الثلاثة تعلمه أن يكون في لحظات النصر الحساسة ذاكرا لصفات جلال الله وجماله وأن يرى كل شيء منه سبحانه ، ويتجه إلى الاستغفار كي يزول عنه غرور الغفلة ويبتعد عن الانتقام.
٥ ـ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مثل كل الأنبياء معصوم ، فلما ذا الاستغفار؟
الجواب أن هذا تعليم لكل الأمة لأنه :
أوّلا : خلال أيّام المواجهة بين الإسلام والشرك مرّت فترات عصيبة على المسلمين ، وتفاقمت في بعض المراحل مشاكل الدعوة ، وضاقت صدور بعضهم وساور بعضهم الآخر شكوك في وعد الله. كما قال سبحانه فيهم عند غزوة «الأحزاب» : (وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا) (١).
والآن إذ تحقق الإنتصار فقد اتضح خطل تلك الظنون ، ولا بدّ من «الاستغفار» ثانيا : الإنسان لا يستطيع أن يؤدي حقّ الشكر ، مهما حمد الله وأثنى عليه.
ولذلك لا بدّ له بعد الحمد والثناء أن يتجه إلى استغفاره سبحانه.
__________________
(١) الأحزاب ، الآية ١٠.