مكّة.
ثمّ نزل من ناقته ، واقترب من الكعبة ، وجعل يسقط الأصنام واحدا بعد الآخر وهو يقول : (جاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً).
وكان عدد من الأصنام قد نصب فوق الكعبة ، ولم تصل إليها يد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمر عليّا أن يصعد على كتفه المباركة ويرمي بالأصنام فامتثل علي أمر الرسول.
ثمّ أخذ مفاتيح الكعبة ، وفتحها ومحا ما كان على جدرانها من صور الأنبياء.
٣ ـ بعد الإنتصار الرائع السريع أخذ رسول الله حلقة باب الكعبة ، وتوجّه إلى أهل مكّة وقال لهم : يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم؟ قالوا : خيرا ، أخ كريم ، وابن أخ كريم. قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وأمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جيشه أن لا يتعرضوا لأحد ، وأن لا يريقوا دم أحد. وأمر فقط بقتل ستة أفراد ـ حسب الرّوايات ـ ممن كانوا خطرين ومتوغلين في عدائهم للإسلام. وحين بلغه أن سعد بن عبادة ـ وهو أحد حملة الوية الجيش الإسلامي ـ يصيح : اليوم يوم الملحمة ، اليوم تسبى الحرمة. أمر عليّا عليهالسلام أن يأخذ منه الرّاية ويدخل بها مكّة دخولا رقيقا ويقول : اليوم يوم المرحمة!!
وبهذا الشكل فتحت مكّة دون إراقة دماء وكان لعفو الرسول ورحمته الأثر الكبير في القلوب ، فدخل النّاس في دين الله أفواجا. ودوّى خبر الفتح في أرجاء الجزيرة العربية وذاع صيت الإسلام ، وتعززت مكانة المسلمين (١).
وجاء في كتب التاريخ أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عند ما وصل الكعبة قال : لا إله إلا الله وحده وحده ، أنجز وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، ألا إن كل مال أو مأثرة أو دم تدعى فهو تحت قدمي هاتين! ... (وبذلك الغى كل مخلفات الجاهلية وطوى جميع ملفاتها).
__________________
(١) بتلخيص عن الكامل لابن الأثير ، ج ٢ ، وتفسير مجمع البيان ، تفسير سورة النصر.