الهلاك والخسران في الآية يمكن أن يكون دنيويا ، ويمكن أن يكون معنويا أخرويا ، أو كليهما.
وهنا يثار تساؤل بشأن سبب ذم هذا الشخص باسمه ـ وهو خلاف نهج القرآن ـ وبهذه الشدّة.
يتّضح ذلك لو عرفنا مواقف أبي لهب من الدعوة.
اسمه «عبد العزى» وكنيته «أبو لهب» وقيل إنّه كني بذلك لحمرة كانت في وجهه.
وامرأته «أم جميل» أخت أبي سفيان ، وكانت من أشدّ النّاس عداوة وأقذعهم لسانا تجاه النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ودعوته.
وفي الرّواية عن «طارق المحاربي» قال : بينا أنا بسوق ذي المجاز إذا أنا بشاب يقول : «يا أيّها النّاس قولوا لا إله إلّا الله تفلحوا». وإذا برجل خلفه يرميه قد أرمى ساقيه وعرقوبيه ويقول : يا أيّها النّاس إنّه كذاب فلا تصدقوه. فقلت : من هذا؟ فقالوا هو محمّد يزعم أنّه نبيّ. وهذا عمّه أبو لهب يزعم أنّه كذاب (١).
وفي رواية عن «ربيعة بن عباد» قال : كنت مع أبي أنظر إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يتبع القبائل ، ووراءه رجل أحول ووضيء الوجه. يقف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على القبيلة فيقول : «يا بني فلان. إنّي رسول الله إليكم. آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ، وأن تصدقوني وتمنعوني حتى أنفذ عن الله ما بعثني به». وإذا فرغ من مقالته قال : الآخر من خلفه : يا بني فلان. هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من الجن ، إلى ما جاء به من البدعة والضلالة ، فلا تسمعوا له ، ولا تتبعوه. فقلت لأبي : من هذا؟ قال : عمّه أبو لهب (٢).
وفي رواية أخرى : وكان من عظيم خطر أبي لهب ضد الدعوة الإسلامية أنّه
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٥٩.
(٢) في ظلال القرآن ، ج ٨ ، ص ٦٩٧.