«وايم الله ما لمت النّاس. لقينا رجالا بيضا على خيل بلق بين السماء والأرض ...» قال أبو رافع (مولى العباس) وقد كان جالسا : تلك الملائكة. فرفع أبو لهب يده فضرب وجهه ضربة شديدة ، ثمّ حمله وضرب به الأرض ، ثمّ برك عليه يضربه وكان رجلا ضعيفا.
وما أن شهدت أم الفضل (زوجة العباس) ، وكانت جالسة أيضا ، ذلك حتى أخذت عمودا وضربت أبا لهب على رأسه وقالت : تستضعفه إن غاب عنه سيّده؟! فقام موليا ذليلا.
قال أبو رافع : فو الله ما عاش إلّا سبع ليال حتى رماه الله بالعدسة (مرض يشبه الطاعون) فمات. وقد تركه أبناه ليلتين أو ثلاثة ما يدفنانه حتى أنتن في بيته.
فلما عيّرهما النّاس بذلك أخذ وغسل بالماء قذفا عليه من بعيد ، ثمّ أخذوه فدفنوه بأعلى مكّة وقذفوا عليه الحجارة حتى واروه (١).
(وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) (٢) (، فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ).
الآيتان تتحدثان عن «أم جميل» امرأة أبي لهب ، وأخت أبي سفيان ، وعمّة معاوية. وتصفانها بأنّها تحمل الحطب كثيرا ، وفي رقبتها حبل من ليف النخيل.
ولماذا وصفها القرآن بأنّها حمالة الحطب؟
قيل : لأنّها كانت تأخذ الحطب المملوء بالشوك وتضعه على طريق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم لتدمي قدماه.
وقيل : إنّه كناية عن النميمة.
وقيل : إنّه كناية عن شدّة البخل ، فهي مع كثرة ثروتها أبت أن تساعد الفقراء وكانت شبيهة بحمال الحطب الفقير.
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ١٩ ، ص ٢٢٧.
(٢) «امرأته» معطوف على ضمير مستتر في «سيصلى» و «حمالة» حال منصوب. وقيل إنّها منصوبة بالشتم ، كما ذهب إلى ذلك الزمخشري في الكشاف ، والتقدير : أذّم حمالة الحطب. والمعنى الأوّل أفضل.