ثمّ بعد الضمير تكشف الآية عن هذه الحقيقة الغامضة وتقول : (اللهُ أَحَدٌ).
و (قُلْ) في الآية تعني أن أظهر هذه الحقيقة وبيّنها.
عن الإمام محمّد بن علي الباقر عليهالسلام قال بعد بيان معنى «قل» في الآية (وهو الذي ذكرناه) : «إن الكفار نبهوا عن آلهتهم بحرف إشارة الشاهد المدرك. فقالوا : هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار. فأشر أنت يا محمّد إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه وندركه ولا نأله فيه. فانزل الله تبارك وتعالى : (قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) ، فالهاء تثبيت للثابت ، والواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواس». (١)
وعن أمير المؤمنين علي عليهالسلام قال : «رأيت الخضر عليهالسلام في المنام قبل بدر بليلة ، فقلت له : علمني شيئا أنصر به على الأعداء. فقال : قل : يا هو ، يا من لا هو إلّا هو.
فلمّا أصبحت قصصتها على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال لي : يا علي علمت الاسم الأعظم» (٢).
وكان علي عليهالسلام يذكر الله تعالى بهذا الذكر يوم صفين. فقال له عمار بن ياسر : يا أمير المؤمنين ما هذه الكنايات؟ قال : «اسم الله الأعظم وعماد التوحيد ...». (٣)
«الله» اسم علم للباري سبحانه وتعالى. ومفهوم كلام الإمام علي عليهالسلام أن جميع صفات الجلال والجمال الإلهية أشير إليها بهذه الكلمة. ومن هنا سميت باسم الله الأعظم.
هذا الاسم لا يطلق على غير الله ، بينما أسماء الله الأخرى تشير عادة إلى واحدة من صفات جماله وجلاله مثل : العالم والخالق والرازق ، وتطلق غالبا على غيره أيضا مثل : (رحيم ، وكريم ، وعالم ، وقادر ...).
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٢١ ، الحديث ١٢ ، بتلخيص.
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.