هذه الأشياء» (١).
هذه الرّواية توضح أنّ «الصمد» له مفهوم واسع ينفي كلّ صفات المخلوقين عن ساحته المقدّسة ، لأنّ الأسماء المشخصة والمحدودة وكذلك الجسمية واللون والرائحة والمكان والسكون والحركة والكيفية والحد والحدود وأمثالها كلها من صفات الممكنات والمخلوقات ، بل من أوصاف عالم المادة ، والله سبحانه منزّه منها جميعا.
في العلوم الحديثة اتضح أنّ كلّ مادة في العالم تتكون من ذرات. وكلّ ذرة تتكون من نواة تدور حولها الإلكترونات. وبين النواة والإلكترونات مسافة كبيرة نسبيا. ولو أزيلت هذه الفواصل لصغر حجم الأجسام إلى حدّ كبير مدهش.
ولو أزيلت الفواصل الذرية في مواد جسم الإنسان مثلا ، وكثفت هذه المواد ، لصغر جسم الإنسان إلى درجة عدم إمكان رؤيته بالعين المجرّدة ، مع احتفاظه بالوزن الأصلي!!.
وبعضهم استفاد من هذه الحقائق العلمية ليستنتج أنّ الآية تنفي عن الله كلّ ألوان الجسمانية ، لأنّ واحدا من معاني «الصمد» هو الذي لا جوف له ، ولما كانت كل الأجسام تتكون من ذرات ، والذرات جوفاء ، فالصمد نفي الجسمية عن ربّ العالمين. وبذلك تكون الآية من المعاجز العلمية في القرآن.
ولكن ، يجب أن لا ننسى المعنى الأصلي لكلمة «صمد» وهو السيد الذي يقصده النّاس بحوائجهم ، وهو كامل ومملوء من كلّ الجهات ، وبقية المعاني والتفاسير الاخرى المذكورة للكلمة قد تعدو إلى نفس هذا المعنى.
الآية التالية تردّ على معتقدات اليهود والنصارى ومشركي العرب وتقول :
(لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ).
__________________
(١) بحار الأنوار ، ج ٣ ، ص ٢٣٠ ؛ الحديث ٢١.