«لا» في «لا اقسم» : زائدة ، وجاءت للتأكيد.
وثمّة من اعتبرها (نافية) ، أي : لا اقسم ، لأنّ الأمر من الوضوح ما لا يحتاج فيه إلى قسم ، أو أنّ القسم بهذا الموضوع لا يليق وأهميته ، أو أنّ ما اقسم به من الأهمية بحيث يليق أنّ لا يقسم به.
إلّا أنّ الأوّل (كونها زائدة جاءت للتأكيد) أقرب من البقية.
«الشفق» : اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس ، و (الإشفاق) : عناية مختلطة بخوف ، لأنّ (المشفق) يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه (١).
ويقول الفخر الرازي : تركيب لفظ «الشفق» في أصل اللغة لرقّة الشيء ، ومنه يقال : ثوب شفق ، كأنّه لا تماسك له لرقته ، و (الشفقة) : رقة القلب.
(والظاهر أنّ قول الراغب أقرب للصواب).
وعلى أيّة حال ، ف «الشفق» هو وقت الغروب ، وقد اختلف في تعيين وقته ما بين الحمرة التي تظهر في الأفق الغربي عند بداية الليل ، وبين ما يظهر بعد الحمرة من بياض ، والمشهور بين العلماء والمفسّرين هو التعيين الأوّل ، وهو المستعمل على لسان الأدباء أيضا حيث يشبهون دماء الشهداء بالشفق.
إلّا أنّ البعض اختار التعيين الثّاني ، على ما يبدو عليه من ضعف ، وخصوصا إذا ما اعتبرنا (الرّقة) هي الأصل اللغوي للكلمة ، حيث أنّها ستتناسب مع الحمرة الخفيفة الرقيقة دون الثّاني.
وعلى أية حال ، فقد جاء القسم بالشفق للفت الأنظار إلى ما في هذه الظاهرة السماوية الجميلة من معان ، فمنه تعلن حالة التحول العام من النهار إلى الليل ، إضافة لما يتمتع به من بهاء وجمال ، وكونه وقت صلاة المغرب.
وأمّا القسم بالليل ، فلما فيه من آثار كثيرة وأسرار عظيمة (وقد تناولنا ذلك
__________________
(١) مفردات الراغب.