إلى النّاس كافة من جهة اخرى ، وعليه ، فهذا التّفسير بعيد عن مرام الآية.
وعلى آية حال ، فعدم استقرار الإنسان على حال ثابتة يدلل على فقر الإنسان واحتياجه ، لأنّ كلّ متغيّر حادث ، وكلّ حادث له محدث ، كما وإنّ عدم استقرار هذا العالم علامة على حركة الإنسان المستمرة نحو الله والمعاد ، وكما قالت الآية : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ).
ومن كلّ ما سبق ... يخرج القرآن الكريم بنتيجة : (فَما لَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).
فمع وضوح أدلة الحق ، مثل أدلة : التوحيد ، معرفة الله ، المعاد ، بالإضافة إلى ما من الآفاق في آيات مثل : خلق ... الليل والنهار ، الشمس والقمر ، النور والظلمة ، شروق الشمس وغروبها ، الشفق ، ظلمة الليل ، اكتمال القمر بدرا ، وكذلك الآيات التي في نفس الإنسان منذ أن يكون نطفة في رحم امّه ، وما يطويه من مراحل حتى يكتمل جنينا ، مرورا بما يمرّ به من حالات في حياته الدنيا ، حتى يدركه الموت ...
فمع وجود كل هذه الأدلة والآيات لم لا يؤمنون؟! ..
وينتقل بنا العرض القرآني من كتاب (التكوين) إلى كتاب (التدوين) ، فيقول : (وَإِذا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لا يَسْجُدُونَ).
القرآن كالشمس يحمل دليل صدقه بنفسه ، وتتلألأ أنوار الإعجاز من بين جنباته ، ويشهد محتواه على أنّه من الوحي الإلهي وكل منصف يدرك جيدا لدى قراءته له أنّه فوق نتاجات عقول البشر ولا يمكن أن يصدر من انسان مهما كان عالما ، فكيف بإنسان لم يتلق تعليما قط وقد نشأ في بيئة جاهلية موبوءة بالخرافات! ...
ويراد ب «السجود» هنا : الخضوع والتسليم والطاعة (١) ، أمّا السجود المتبادر
__________________
(١) ومن الشواهد على هذا المعنى ، بالإضافة إلى شهادة الآيات السابقة واللاحقة ، إنّ السجود بمعنى وضع الجبين على الأرض عند تلاوة القرآن إنّما يجب في مواضع محدودة جدّا ويستحب في مواضع اخرى ، وفي مواضع اخرى لا هو بالواجب ولا