هؤلاء الظالمين المغرورين بأنّ مصيرهم سيكون مثل مصير الأقوام السالفة من جهة ، ومن جهة اخرى لتثبيت المؤمنين ، وتقوية عزائمهم في صراعهم أمام أذى واضطهاد أهل مكّة.
ابتدأت السّورة ب : (وَالسَّماءِ ذاتِ الْبُرُوجِ).
«البروج» : جمع (برج) وهو القصر ، وقيل : هو الشيء الظاهر ، وتسمية القصور والأبنية العالية بالبروج لظهورها ووضوحها ، وقيل للمحلات الخاصة من السور المحيط بالبلد والتي يجتمع فيها الحراس والجنود (البروج) لظهورها الخاص ، ويقال للمرأة التي تظهر زينتها (تبرجت).
والأبراج السماوية : إمّا أن يكون المراد منها النجوم الزاهرة والكواكب المنيرة في السماء ، أو المجموعات من النجوم تتخذ مع بعضها شكل شيء معروف في الأرض ، وتسمى ب «الصور الفلكية» ، وهي إثنا عشر برجا ، وفي كلّ شهر تحاذي الشمس أحد هذه البروج ، (طبيعي أن الشمس لا تتحرك تلك الحركة ، وإنّما الأرض ، تدور حول الشمس فيبدو لنا تغيّر موضع الشمس بالنسبة إلى الصور الفلكية أو الأبراج). (١)
والقسم بهذه البروج يشير إلى عظمة أمرها ، التي لم تكن معلومة للعرب الجاهليين وقت نزول الآية بينما أصبحت معلومة تماما في هذا الزمان والأقوى أنّ المراد منها هو النجوم المتلألئة ليلا في القبة السماوية.
ولذا نقرأ فيما روي عن النّبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أنّه حينما سئل عن تفسير الآية قال : «الكواكب» (٢).
وتقول الآية الثّانية : (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ)
__________________
(١) والأبراج الاثنا عشر هي : الحمل ، الثور ، الجوزاء ، السرطان ، الأسد ، السنبلة ، الميزان ، العقرب ، القوس ، الجدي ، الدلو والحوت.
(٢) الدر المنثور ، ج ٦ ، ص ٣٣١.