فالتحق بالروم وشكا ما فعل (ذو نواس) إلى قيصر.
فقال قيصر : إن أرضكم بعيدة ، ولكنّي سأكتب كتابا إلى ملك الحبشة النصراني وأطلب منه مساعدتكم.
ثمّ كتب رسالته إلى ملك الحبشة ، وطلب منه الانتقام لدماء المسيحيين التي أريقت في نجران ، فلمّا قرأ الرسالة تأثّر جدّا ، وعقد العزم على الانتقام لدماء شهداء نجران.
فأرسل كتائبه إلى اليمن والتقت بجيش (ذو نواس) ، فهزمته بعد معركة طاحنة ، وأصبحت اليمن ولاية من ولايات الحبشة. (١)
وذكر بعض المفسّرين : إنّ طول ذلك الخندق كان أربعين ذراعا ، وعرضه اثني عشر ذراع ، (وكلّ ذراع يقرب من نصف متر ، وأحيانا يقصد به ما يقرب من متر كامل).
وقيل : إنّها كانت سبعة أخاديد ، وكلّ منها بالحجم الذي ذكرناه. (٢)
وذكرت القصّة في كتب تاريخية وتفسيرية كثيرة ، بتفاصيل متفاوتة ، منها : ما ذكره المفسّر الكبير الطبرسي في (مجمع البيان) ، وأبو الفتوح الرازي في تفسيره ، والفخر الرازي في (تفسيره الكبير) ، والآلوسي في (روح البيان) ، والقرطبي في تفسيره ، وكذلك ابن هشام في الجزء الأوّل من كتاب (السيرة) ص ٣٥ .. وغيرهم كذلك.
وقد تبيّن ممّا ذكرناه بأن العذاب الإلهي قد أصاب أولئك الذين قاموا بتعذيب المؤمنين ، وانتقم منهم في دنياهم جراء ما هدروا من دماء زكية بريئة ، وأنّ عذاب نار الآخرة لفي انتظارهم.
وأوّل من أوجد المحارق البشرية في التاريخ هم اليهود ، وسرت هذه
__________________
(١) قصص القرآن ، للبلاغي ، ص ٢٨٨.
(٢) تفسير روح المعاني ، وتفسير أبي الفتوح الرازي ، عند تفسير الآيات المذكورة.