إلى تهامة وكان استقراره بالكدرا ثم إنه طلع منها هذه السنة وأراد الاستيلاء على جبل ذخار فقتله عبد لعدنان صاحب الجبل وبعث برأسه إلى مولاه.
كلمة عن القرامطة وما قيل في هذه النحلة الباطنية أو الإسماعيلية
في أواخر القرن الثالث للهجرة كانت الدولة العباسية ، قد كبرت وشاخت ، وأصبحت تعيش في ظلّ الأمراء والمتغلبين ، من فرس ، وترك ، وديلم ونحوهم ، وكانت الدّعاية لأهل البيت النبوي عليهم السلام والإنتصار للدّين تكأت كل ثائر ، وسلاح كل طامع ، وكان أهول الدعايات خطرا ، وأبعدها أثرا النحلة القرمطية ، تلك النحلة التي أحدثت أعظم زلزلة هزّت الإسلام ، وساقطت شرفاته ، وأحدثت اكبر انقلاب عرفه تاريخ المسلمين ، وكان مثير هذه الفتنة التي طال جثومها واشتدت غيومها ، وتلونت مكائدها ، وتعدّد مصائدها ، رجل قدم من خوزستان ، ونزل بسواد الكوفة ، فمرض ذات يوم فساعده رجل يدعى كرميته ، لحمرة في عينيه واللّفظة نبطية ومعناها ، حمرة العين فلما شفي شيخ القرامطة المذكور ، سمي باسم ذلك الرجل ، وخفف بعدئذ فسمي قرمط ، وقيل إنما لقب بقرمط لقرمطته أي تقريبه في خطه أو خطوه ، والقرمطة كلمة عربية معناها إخفاء الكتابة أي دقّتها ، وعدم إظهارها ، وكان ظهور هذه النحلة الضالة حوالي سنة ٢٧٨ (١) وأول من أظهرها أبو سعيد الجنّابي القرمطي ، وكان ورعا زاهدا متقشفا لا يأكل إلّا من كسبه كثير الصلاة والعبادة ، أقام على ذلك مدّة ، واعلم الناس انه يدعو إلى امام من أهل البيت عليهم السّلام ، فانتشر مذهبه في الشّام وسواد الكوفة ، وكثر أتباعه ، وخضعت لهم دمشق ، واستولوا على كثير من البلدان وأسّسوا دولة بالبحرين ، وامتذ نفوذهم إلى الحجاز واليمن كما سيأتي ، وغاية نحلتهم تعطيل الشّرائع
__________________
(١) راجع ابي الفداء (ص) قلت تاريخ الاسماعيلية متشعب الأطراف وقد كتب فيه كثير من الباحثين منهم الدكتور محمد حسين كامل وعارف تامر ومصطفى وهما من اهل النحلة وبرنار لوبيس من المستشرقين ومن القدامى الطبري وابن الجوزي وابن الاثير ونشر الدكتور سهيل زكار كتابا في اخبار القرامطة لسنان.