الفرقة أنه لا يحلف القسم المطلوب ولا يؤخذ الرتبة الرابعة (١) ، وما عداهم إلى هذه الرتبة لا يعرفون من سر الجمعية إلا مبادئها الدينية والأدبيّة فقط.
أما تعاليمها الاساسية والاجتماعية فلم يكن يكشف لهم عنها إلّا بعد الدرجة الرابعة ، والسّر في نجاح هذه الفرقة تغلبها على العصبيّة القومية التي لم يقدر عليها بنو أمية ولا بنو العباس فانهم أظهروا أن المسائل القومية لا تهمهم ، ولا هي من أغراضهم فسواء لديهم العربي والعجمي والنبطي والمسلم والكافر ، فقد كانوا ينشرون دعوتهم بين جميع الأمم الخاضعة للدّولة العباسية. وبين جميع الأحزاب والنحل لا يفرقون بين دين ودين ، ولا بين حزب وحزب انتهى.
فإذا عرفت ما تقدم وقدرت على درس كتبهم وعلى ما يلقونه من التشكيك والهذيان ، على المدعو الى نحلتهم والمجذوب إلى حظيرتهم ، من المفتريات الكاذبة والمزاعم الباطلة الموصلة إلى تعطيل الشرائع ، من أن لكل آية أو أثر معنيين ظاهر وباطن ، وان التّكاليف الشرعية أغلال ، المراد منها سياسة الإنسان غير المهذب ، عرفت سر تسميتهم بالباطنية هذه خلاصة ما قيل عن الفرق الثلاث ، أو الفرقة ذات الأسماء الثلاثة كما يؤدّيه ظاهر الكلام المتقدم.
وذهب الأستاذ محمد الخضري في محاضراته (٢) إلى أن النحلة الفاطمية نحلة سياسية الغرض منها تحطيم الدولة العباسية والقضاء عليها ، إلّا أنها شيبت بشيء من التعاليم لتكون مقدمة للدعوة وأساسا لها حتى لا يفجأ المدعو بالغرض السياسي لأول وهلة ، والتعاليم ، متى كانت سرّية حامت حولها الظنون ، وجعلتها الشكوك في ظلمات ، حتى لا تتميز حقيقتها وقد نشأ
__________________
(١) كتب المؤلف عند هذه الكلمة لفظة (سقط) ولكنه لم يدرج هذا السقط.
(٢) كتاب محاضرات في تاريخ الأمم الإسلامية للعلامة محمد الخضري المتوفي سنة ١٣٤٥ ه من أقدم ما عرفه المثقفون اليمنيون من كتب عصرية لقدم طبعته وانتشارها.