فعل من العيث والتدمير والتخريب والتقتيل في الأمة اليمنية مالا يوصف ولا يحيط به البيان ، وسنأتي على أخباره تفصيلا ، وإنما سقنا هذه الجملة لبيان اصل هذا الداء ومن أين بدا وكيف ظهر ، وفوق كل ذي علم عليم.
قال الجندي في تاريخه (١) ، كان علي بن الفضل من عرب يقال لهم الاجدون ينسبون إلى ذي جدن ، وكان شيعيا على مذهب الاثنا عشرية (٢) ، فحج مكة ثم خرج مع ركب العراق لزيارة مشهد الحسين فلما وصله جعل يولول ويصيح ، ويقول ليت من كان حضرك يا ابن رسول الله حين جاءك جيش الفجرة ، وميمون (٣) القداح ملازم للضريح ومعه ولده عبيد الله يخدمه ، فحين رأيا ابن فضل على تلك الحالة طمعا في اصطياده ، ثم خلا به ميمون ، وعرفه انه لا بد لولده من دولة يتوارثها بنوه لكن لا تكون حتى تكون بدايتها من اليمن فقال إبن فضل ذلك يمكن في اليمن ، والناموس (٤) جائز عليهم فأمره بالتّثبيت والوقوف حتى ينظر ما في الأمر ، وكان ميمون في الأصل يهوديا قد حسد الإسلام ، واغتار على دينه فلم يجد حيلة غير العكوف على تربة الحسين بكربلاء وإظهار الإسلام وأصله من سلمية مدينة بالشام وانتسب إلى العلوية ، وأكثرهم ينكر صحة نسبه (٥). والله أعلم.
__________________
(١) انظر السوك للجندي ج ١ ص ٢٣١ طبعة وزارة الاعلام وتحقيق الاستاذ محمد بن علي الأكوع.
(٢) فيه دلالة على ما سبقت الاشارة إليه من ظهور مذهب الإمامية في اليمن واعتناق بعض رجال من اليمن ذلك المذهب قبل ظهور الاسماعيلية أو القرامطة ، فإن المذهب الجديد ، فاظهر على يد ابن فضل بعد عودته من العراق (ص).
(٣) هو عبد الله بن ميمون القداح المتوفي حوالي (٢٦١) وابوه يسمى أبا شاكر ميمون بن ديصان صاحب كتاب الميزان في نصرة الزندقة ، وأصله من بلده قرب الأهواز وسمي عبد الله القداح لأنه كان يعالج العيون ويقدحها ومن اتباعه حمدان قرمط ومحمد بن الحسين : انظر تاريخ الفلسفة في الاسلام ، وفهرس ابن النديم ، والكامل لا بن الاثير.
(٤) الناموس في الأصل صاحب السر وصاحب سر الوحي ومنه حديث ورقة بن نوفل.
(٥) راجع ما كتبه شيخ المؤرخين ابن خلدون في نسب العبيدين.