وقد كان علي بن محمد أرسل إلى يام ووادعة ، يطلب منهم النصرة لأبيه ، فلم يجيبوه ، واعتذروا بفتنة بين عشائرهم ، وبينما هو كذلك إذ وافته الانباء بقتل والده فعاد إلى الحضن وهو أيأس من غريق (١) وله في ذلك قصيدة رثى بها والده وذكر تخاذل الأقوام عنه أولها (٢) :
منع الحزن مقلتيّ ان تناما |
|
وذرا الدّمع من جفوني سجاما |
يوم ناديت حي الاحلاف للنصر |
|
على مذحج وناديت ياما |
ودعونا للنصر بالوادعيين |
|
فلم ينصروا الأمير (٣) الهماما |
لا يجيبون صارخا قام يدعو |
|
يا لهمدان انصروا الاسلاما |
ومنها :
قتلت حارث بن كعب شريفا |
|
خير من وحّد الاله وصاما |
قتلوه فأفحشوا القتل فيه |
|
حين اضحى لديهم مستظاما |
إلى آخرها : وقد أجمل القول كاتب سيرة الإمام الهادي فيما كان بنجران بعد قتل محمد بن عبيد الله ، وأشار إلى أن آخر حروب الإمام كان بنجران ، وانه كان عليلا من علته التي توفي منها ، وان العدو هاجم الإمام إلى الحضن ، فخرجت خيوله ، وكان مريضا فلم يخرج ، ولما تراءت الخيلان كانت الحملة على أصحابه ، فولّوا مدبرين وقتل رجل من أصحابه يقال له يوسف بن حرب العبسي (٤) ، وهو آخر شهيد استشهد مع الإمام الهادي ، ولم يكن له بعد ذلك قتال حتى توفي عليه السلام ، ولعلك قد عرفت ايها المطلع فيما أسلفناه أن قتل محمد بن عبيد الله كان في سنة ٢٩٦ ، وسيمر بك قريبا خبر وفاة الإمام في سنة ٢٩٨ ، ولعله لم يغز نجران إلّا بعد
__________________
(١) مثل أورده الزمخشري في المستقصي ج ١ ص ٤٤٨ وكذا في الميداني.
(٢) القصيدة في السيرة ص ٣٨٣.
(٣) في السيرة الأمين.
(٤) في السيرة يوسف بن ابي حرب العبسي.