أبي يعفر ، فرأى من خوفه وقلقه من الطّاغية المذكور ، ما حفزه على المغامرة بنفسه ، والتطويح بها في سبيل انقاذ المسلمين من كبول طغيان ابن فضل باغتياله ، ولما صمم على ما أعتزمه أخبر أسعد بذلك العزم فرغبه أسعد ووعده المشاطرة فيما يملك ، فرحل الشريف إلى المذخيرة واختلط برجال الدولة ، ووضع لهم الأشربة ، وركب الأدوية ، ووصف لهم العقاقير ونحوها مما (١) تستدعيه حالة الترف ورغد العيش طبعا ، ومكث يعاني هذه الصنعة بمهارة فائقة ، حتى نال شهرة عند رجال الدّولة ورفع خبره إلى الطاغية ، وكان قد اضطر إلى الفصد فطلبه ليقوم بعملية الفصد فافترص فرصة الاتصال بفريسته ودسّ له السّم في مشرطه ، وما هو إلّا ان فرغ من مهمته حتى ادرك الطاغية سرّ عمله ، وأحسّ بمفعول السم يجري لطرد روحه الشريرة من جسده الخبيث ، جريان النار في يابس الهشيم فأمر بطلب الشريف فأسرعت الجنود في البحث عنه ، وكان قد بارح تلك القرية الظالم أهلها ، فأسرعوا في طلبه في الجهات الأربع ، وأدركه بعضهم بوادي السحول (٢) ، فحاولوا القبض عليه فدافع عن نفسه حتى قتل رحمه الله وشالت نعامة (٣) الطاغية ، عقيب ذلك منتصف ربيع الآخر سنة ٣٠٣ ودفن بالمذيخرة.
ونقل الزحيف عن كتاب كشف الأسرار وهتك الاستار عن محجوب الكفار للسيد يحيى بن القاسم (٤) الحمزي إن سبب موته كان على يد السيد الشهيد
__________________
(١) في الأصل منما.
(٢) وله مشهد هناك يعرف بغرمات اسم الرجل.
(٣) يقال في المثل سالت نعامتهم : اي تفرقوا وذهبوا لأن النعامة موصوفة بالخفة وسرعة الذهاب والهرب ومنه قول صخر الفي :
دعاه صاحباه حين شاك |
|
نعامتهم وقد صفر القلوب |
(٤) كذا ينسب المؤلف رحمه الله كتاب كشف الأسرار الى يحيى بن القاسم الحمزي المتوفي سنة ٦٦٦ (ترجمته في مطلع البدور) والمعروف ان هذا الكتاب من تأليف الفقيه محمد بن لمك الحمادي المتوفي نحو سنة ٤٧٠ وهو في كشف فصائح الباطنية وقد طبع عدة مرات. ولعل الذي أوقعه في هذا السهو مصدره الذي ينقل عنه وهو كتاب مآثر الأبرار للزحيف.