لأصحاب الإمام ، وباء الباقون بهزيمة فاضحة ، قطعت دابرهم وأخمدت نيران طغيانهم ، قيل ان عدد القتلى منهم تزيد على خمسة آلاف قتيل ، وفقد من دعاتهم واهل الرّياسة منهم ثمانية وأربعون داعيا ، وقال السيد صارم الدين في بسّامته :
وكان يوم نغاش منه ملحمة |
|
على القرامط لم تبق ولم تذر |
وعدّ سبعة آلاف مضوا عجلا |
|
حصائدا بين مرمي ومجتزر |
وبالمصانع أخرى منه تشبهها |
|
حلّت عرى الشرك من كوني ومن قدر (١) |
ولم يقتل من أصحاب الإمام سوى رجل واحد ، وافلت عبد الحميد بن محمد وفرّ إلى حلملم (٢) واستقر بها ، وتفرق فلول عسكره شذرا مذر ، وفي ذلك يقول عبد الله بن احمد التميمي (٣) في أرجوزته (٤) : التي أولها (عوجا خليلي أوان الموسم) ومنها :
القرمطي ذي الضلال المجرم |
|
عبد الحميد ذي الفعال المؤثم |
إذ فرّ لا يقصر عن حلملم |
|
وخلّف الدعاة لحم الوضم |
فكتبوا الى الإمام بخبر هذه الوقعة وبما جازوه من النّصر العظيم ، فعاد جوابه بالحثّ على متابعة القرامطة ، وترسم آثارهم ومطاردتهم فنهض الجند الإمامي ، فهرب عبد الحميد ومن معه إلى جبل موتك (٥) فدخل جند الإمام حلملم ، فأحرقوها واستولوا على ما فيها ، وطلع عبد الحميد إلى جبل مدع
__________________
(١) تقدم الكلام على كوني واما قدري فلم نجد في النحلة الديصانية معناه ، ولعلّه من خرافات القرامطة ان المراد به قدري نسبه إلى القدر ولكنه بعيد (ص).
(٢) حلملم : قرية من عزلة الأشحور السابق ذكرها.
(٣) من الشعراء العلماء كان معاصرا للهادي وولده الناصر وله شعر اورده ابن ابي الرجال في مطلع البدور (خ).
(٤) انظرها كاملة في الحدائق ج ٢ ص ٥١.
(٥) قال صاحب الحدائق الوردية موتك ويعرف الآن بميتك : وسيأتي في هذا التاريخ ان المراد به جبل مسور.