ثم نهض جند الإمام إلى المصانع وفيها كانت المعركة الثانية ، وفر منهم عبد الحميد إلى مسور ولم يزالوا في مطاردته ومحاربته والنصر حليفهم في كل معركة إلى ان داهمتهم الجنود الواصلة لنجدة عبد الحميد من حكومة زبيد وكان قد استغاث بهم ومنّاهم الأماني. قال في أنباء الزمن في حوادث سنة ٣٠٦ : ان الجند الإمامي قتلوا من هذه الفرقة الظالمة أمّة لا يحصرها العدد ، ولا ينتهي صاحبها إلى أمد واستولت العساكر الإمامية على ما أجلبت به تلك الفرقة الغوية من سلاح وغيره ، وانهزم بقيتهم إلى سور بالخط الآخر ، فتبعهم جند الإمام وحاصروهم ، حتى روى ان الدماء سالت وسمع لها دوي كدوي السيل حتى أيقنوا بالهلاك ففزعوا إلى صاحب (١) زبيد ، وطلبوا منه النصرة فلم يغن عنهم شيئا غير أن الناصر عليه السلام رأى من المصلحة رفع المحطة عنهم وبهذه الوقعة انحلت عروة القرامطة ، وكسرت شوكتهم ، وخمدت نار فتنتهم والحمد لله رب العالمين ، وقال في تتمة سيرة الإمام الهادي : انه لما تضايقوا بالحصار ، كاتبوا الحرملي صاحب زبيد وارسلوا اليه بمال ، فارسل عسكرا في نصرتهم ، فلما بلغ ذلك احمد بن يحيى عليهما السلام كره حربه لئلّا يقع عند السلطان انه يحارب قائده ، فينقطع الموسم عما في بلاده من التجار) انتهى.
ثم قال في أنباء الزمن (٢) بعد كلامه المتقدم : ودخلت سنة ٣٠٧.
وذكر وقعة نغاش في حوادث سنة ٣٠٦ ، وقد مر بك ما نقلناه عن اللآلىء المضيئة ، وفي سيرة الإمام الناصر ان انصراف جند الناصر من محاصرة مسور سنة ثمان وهو يؤيّد ما ذكرناه ، وفي الحدائق الورديّة (٣) : ان وقعة نغاش سنة سبع ، وصرح أيضا في انباء الزمن ان الإمام الناصر اشترك بنفسه في هذه
__________________
(١) تأمّل كيف اجمل العبارة صاحب أنباء الزمن ولم يصرح من هو صاحب زبيد كأنه لخط الأشكال المتقدم فلم يقطع بأنه ابن زياد ولا غيره.
(٢) غاية الأماني (مختصر أنباء الزمن) ص ٢١١ وقد أوردها في حوادث سنة ٤٠٦.
(٣) الحدائق الوردية ص ٥١.