من صعدة فنهبوها نهبا شديدا ، وقتلوا من أهلها وسبوا وفعلوا بهم أعظم من فعل القرامطة ، وخرج أكثر أهل صعدة عنها ، ثم ان المختار جمع القبائل من نجران ووائلة ودهمة وبنى سليمان ، فاجتمع إليه عسكر عظيم فسار بهم إلى صعدة وحارب المتغلّبين عليها محاربة شديدة ، كانت الدائرة على المتغلّبين ، وكان الحسن بن الناصر فيهم ، كأحدهم ليس له من الأمر شيء إلّا إثارة الفتنة ، وصاح صائحهم يطلب الأمان ، فلم يجبهم المختار إلى ذلك وأمسى وقد أحاط بهم ، وعلموا أنه داخل عليهم فكسروا جانبا من القرية ، وهربوا منه ، ولم يعلم بمخرجهم إلّا آخر الليل ، ودخلت القرية ، فوجد فيها من أموال النّاس مالا يوقف عليه (١) ، وخربت منازلهم ، وصاروا إلى علاف فخرج الهيصم بن عباد الأكيلي قائد بني كليب إلى ابن الضحاك ، صاحب ريدة يستنجده على المختار فخرج ابن الضحاك معه ، وانضم إليهم الحسن ابن الناصر ، فكانت بينهم وبين المختار معركة قتل فيها من الفريقين سبعة عشر رجلا ، واختلّ على المختار بعض من كان معه فانهزم الى العشة من صعدة ، فدخلها القوم وانتهبوها وأقاموا بها ثلاثة أيام ، ثم صاروا إلى علاف وسار الحسن معهم خوفا من أخيه المختار ، ورجع ابن الضحاك إلى ريدة ، وعاد المختار إلى صعدة فلبث بها أياما ، وقد تفرق أهلها ، ونالهم الضرّ من أثر ما وقع.
ودخلت سنة ٣٢٧ فيها نهض ابن الضحاك من ريدة ومعه عسكر من همدان لحرب القاسم المختار ، فوصل علاف واتفق بالأكيليين ، وراسل بني سعد كلها ، وطلب منهم ان يصطلحوا ويولوا الحسن بن احمد فكرهوا ذلك ، وجعلوا بينهم هدنة لمدة سنتين على ان يعزلوا الأخوين الحسن والقاسم عن الأمر ، وصار ابن الضحاك إلى صعدة ، ولم يقع بينهم حرب ومكث. بها مدّة وأمر بهدم الحصن الذي بناه النّاصر عليه السلام ، وكانت صعدة يومئذ خالية
__________________
(١) انباء الزمن واللآلىء المضيئة.