حتى وصل بلاد خولان ومكث بها أياما وجرت بينه وبين أخيه الحسن مراسلة وكره الحسن دخوله صعدة ، فخرج الحسن إلى الغيل (١) ، ولقي المختار في جماعة من بني سعد ويرسم (٢) ، وغيرهم ، وأظهر الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فمال اليه كثير من الناس ، واصطلح هو وأخوه وتحالفا وأقاما على ذلك أياما ، ثم نهض القاسم إلى صعدة وقد عامل الحسن جماعة من السفهاء ، على إثارة الفتنة مع دخول أخيه البلد ، ففعلوا ذلك وقتلوا رجلا ، من أصحاب المختار ، وهاجت الحرب من الصبح إلى المغرب ، قتل فيها ثمانية رجال ، ثم أمر القاسم المختار أصحابه بالكف عن أموال الناس ، وبات على ظهر فرسه تلك الليلة حتى أتاه المخالفون يطلبون الأمان ، فأمنهم وسكنت الفتنة ، وظهر للنّاس نكث العهد من الحسن ، فمالوا عنه إلى أخيه القاسم المختار ، وشكروه على صبره فسار فيهم أحسن سيرة ، وشدّد على السفهاء ، ولما علم الحسن انه قد ظهر أمره للناس ، وتحقق عندهم غدره خاف على نفسه ، فخرج إلى بني سعد ثم سار الى خيوان ، وكاتب ابن الضحاك (٣) ، فاتّفقا على محاربة المختار ، واستعانا بحسان بن عثمان ، واتفقوا على المسير إلى صعدة في يوم معين فمرض حسان في ذلك اليوم ، فانتقض ما كانوا ابرموه ، وبعد أيام عامل الحسن وابن الضحاك جماعة من بني كليب وبني جماعة ، على نهب صعدة ، فدخلوها وانضم إليهم من أهل صعدة من كان مائلا إلى الحسن وغيرهم من السفهاء ، ووقعت الحرب بينهم ، وبين أصحاب المختار ، واستمرت ثلاثة أيام ، ثم مالوا إلى خديعة المختار ، فطلبوا الصّلح على أن يخرج من صعدة حتى تسكن الفتنة ، فأجابهم إلى ذلك ، فلما افترق أصحابه اعادوا الحرب ، فانهزم إلى الغيل ، وتمكن القوم
__________________
(١) قرية خربة في صعدة.
(٢) يرسم : ارض في الغرب من صعدة بمسافة نحو ميل.
(٣) هو احمد بن محمد السابق ذكره.