ولم يزل القتل فيهم الى ان دخل الليل وصاروا الى جبل الصّمع (١) فقتل من بني الحارث ستين رجلا ، ومن مراد وغيره ، أربعين رجلا ، ورجع الإمام من ساعته ، وأمسى في شعوب ، ودخل بكرة اليوم الثاني صنعاء وأقام بها أياما (٢).
ثم انه خرج الى الأبناء وعاملهم على أسعد بن أبي الفتوح ، وعاد إلى صنعاء وخشى ان يهاجمه قيس وأسعد بمن معهما في بيت بوس ، فغادرها إلى البون ، وبقي يتردّد في البون وهمدان ، وبنى صريم ودخل قيس صنعاء في الليلة التي خرج فيها الإمام منها ، ولما استقر قيس بها لم يطمئن ، وخاف أن يهاجمه الإمام الداعي فاستنجد بإبن زياد فأمدّه بالشريف يحيى بن الحسين بن الهادي في عسكر عظيم ، فدخل الشريف الهدوى صنعاء ، ومكث بها مدة ، ثم أراد العود إلى زبيد واستخلف على صنعاء ولده الحسين بن يحيى ، وسار إلى زبيد ، ثم إن الإمام نهض بمن معه وقصد صنعاء ، فوصل إلى باب السّبحة ، فكانت معركة قتل فيها من عسكره ومن أهل صنعاء جماعة ، ولم يتمكن من دخولها ، فعاد إلى ريدة ، دخل أسعد بن أبي الفتوح ، وأقام بصنعاء مع الشريف الحسن بن يحيى أيّاما ثم فسد ما بينهما ، وخرج الحسن بن يحيى مغاضا ولحق بالإمام الداعي وقصدا (٣) صنعاء ، فقابلهما ابن أبي الفتوح ، على أبواب صنعاء أربعة أيام ، ولم يظفرا بشيء ، ولم يزل أسعد ابن أبي الفتوح بصنعاء حتى فسد ما بينه وبين سلمة بن محمد الشهابي ، وكان أهل صنعاء مع سلمة ، فاخرجوا إبن ابي الفتوح وصار الى بيت بوس ، ولما خرج من صنعاء أرسل قاضيه محسن بن جريش إلى الإمام يوسف وحلف له على السمع والطاعة ، وطلب منه النّهوض إلى حرب صنعاء وهدم السور فلبّاه
__________________
(١) حصن اثري وهو من آخر قاع الرحبة وأوائل أرحب.
(٢) اللآلىء المضيئة والخزرجي.
(٣) الخزرجي وأنباء الزمن.