فاجتمع منهم خلق كثير ، وكانت أوفر الكتائب خيلا ، وأكملها عددا أصحاب القاسم الزيدي عامل صنعاء ومخاليفها ، ثم كتيبة يحيى بن المختار ، وكان عامل الإمام على همدان فتحرك بهذه الجموع لثلاث خلون من المحرم وقصد نجران ، ولما وصل أعلا نجران وفيه حصون همدان ووادعة ويام وشاكر ، وكلهم من أهل طاعته رحل عنهم إلى الدحامس فهرب الدحامس من حصنه ودخلته الجنود فهدموه وقطعوا نخله ، ونخل من كان معه من أهل بيته ، وقبض الإمام ممن جنح إلى حكمه ، ورجع إليه ستّين رجلا وحبسهم ، فيما يحب من الحقوق ، وسار بهم إلى صعدة وفي هذه الوقعة يقول ابو الفلاح احمد بن عبد الله مرتجزا (١)
قد عملت ذات الهجار الحابس |
|
كالشّمس فوق الشمخ الأوانس |
انا نوطيّ عزمة الدحامس |
|
بألف خطى وألف فارس |
ثم ان الإمام أمر عماله ان يفرضوا على التّجار والنّصارى والمزارعين.
ضريبة على كل بقدر ما يملك ، ليستعين بها على مؤنة عسكره ، فوصل إليه مشيخة النصارى (٢) ، وفي مقدمتهم إبن أبي الجهم ، فقالوا : يا مولانا نحن
__________________
(١) انظر الرجز في اللآلىء المضيئة للشرفي.
(٢) أشرنا إلى هؤلاء في خبر دخول الإمام الهادي الى الحق عليه السلام نجران ، وألمعنا إلى ما كان منهم من القلاقل والفتن في ذكر مقتل عامل الإمام الهادي على نجران : ولا ريب ان هذه الرّواية مشكلة جدّا لما سبق في القسم الأول من هذا التاريخ في ترجمة الخليفة الثاني عمر بن الخطاب من انه اجلاهم عن نجران نصّ على ذلك ابن الاثير في تاريخه وياقوت الحموي في معجمه ، وغيرهما من كتاب المغازي والسير والتاريخ ، وأعجب من هذا إنا لم نقف على عاقبة أمر نصارى نجران وكيفية خروجهم من اليمن نهائيا ، وسيمر بك في هذا التاريخ ذكرهم في موضعين الأول في أيام هشام بن القبيب الهمداني سنة ٥١٠ ، والثاني في أيام الإمام المنصور بالله عبد الله بن حمزة لما استولى على نجران وبعد ذلك لم تقف على شيء من أمرهم ، وقد ذاكرت بعض علماء اليمن فيما رواه أهل التاريخ من أن عمر أجلاهم من اليمن حتى قال ياقوت في معجمه انهم بنوا نجران الكوفة عوضا عن وطنهم الأول فقال : انه اطلع على رواية في الاستيعاب لا بن عبد البر ان تلك الرواية لم تصح عن عمر والله اعلم (ص).