من خانه الدّهر خانته صنائعه |
|
وعاوذ نباله ما كان إحسانا (١) |
رجوع الإمام القاسم إلى عيان ووفاته عليه السلام
ولما أيس من القبائل ووعودها الخلّابة ، رجع الى عيان وقد تفهت (٢) نفسه من ممارسة الخطوب وملابسة الحروب ، ولسان حاله تنشد :
فررت من العداة الى العداة |
|
وكنت عددتهم رمز الثقات |
لقد خابت ظنوني عند قوم |
|
يروي محاسني من سيآتي |
يهيجون الغواة عليّ هيجا |
|
وهم شرّ لديّ من الغواة |
وعكف على تأليف الردّ على روافضته الذين طعنوا في سيرته من الشيعة وأسماء مؤلفه هذا (كتاب الرد على الرافضة) وهو آخر كتاب وضعه من كتب العلوم.
وبعد ان اصطدم (٣) بمصائب جسيمة محطّمة ، وامور نكراء جبارة وساءه الدّهر بصنيعه ، وتنكرت له الأيّام ، وخذله الأقارب ، وخانته الأنصار ، وأحاطت المشكلات وحوالك الخطوب بسماواته وجهاته ، بحيث يحار القدمة الشجاع في الخروج منها ، نزل على حكم القضاء وانكمش في دار عزلته يتردّد ما بين مذاب (٤) وعيان ، إلى ان وافته المنية بعيان لتسع خلون من رمضان سنة ٣٩٣ ، ولم يخلف درهما ، ولا دينارا سوى سلاحه ودوابه وثيابه :
فعفت منابره وحط سروجه |
|
عن كل طامحة وطرف طامح |
__________________
(١) من أبيات لأمير الشعراء احمد شوقي يقول فيها :
ولا ترى الدهر إلّا حرب مضطهد |
|
وحالبين على المخذول خذلانا |
والخط يبني لك الدنيا بلا عمد |
|
ويهدم الدعم الطول اذا خانا |
(٢) ضعفت وصغرت.
(٣) في الأصل اصتدم.
(٤) مذاب : واد يسقي الجوف.