إليه ، وانصرفت تلك القبائل ، ولم يمض عليه شهرا إلّا وقد بناه وحصّنه ، وجعل امره يظهر شيئا فشيئا حتى استفحل امره ووصلته الشّيعة من أنحاء اليمن وجمعوا له أموالا جليلة ، وأظهر الدعوة للمنتصر بالله معد بن الظاهر العبيدي ، فلما ظهر بمسار ، وكان معه فيه من سنحان ويام وجشم وغيرهم ، نهض لحربه أحد رؤساء حراز جعفر بن العباس شافعي المذهب ، وكان مجابا في مغارب اليمن ، وجعفر بن الإمام القاسم جمعوا القبائل وقصدوه ، فلم يجد الصّليحي بدّا من المقاومة والدّفاع وأوقع جعفر بن العباس في محطته فقتله في شعبان من السنة ، وقتل من أصحابه جمعا كثيرا ، فتفرّق الناس عنه ، ثم طلع جبل حضور فاستفتحه ، وأخذ حصن يناع فجمع له ابن أبي حاشد جمعا فالتقوا بصوف وهي قرية من حضور بني شهاب ، فقتل ابن أبي حاشد ، وقتل معه ألف رجل من أصحابه ، وبهذه الوقعة يضرب المثل في اليمن ، ثم سار الصّليحي إلى صنعاء فملكها وطوى اليمن طيّا ، سهله ووعره وبره وبحره ، وهذا شيء لم يعهد مثله في جاهلية ولا اسلام هذه رواية الخزرجي بالفظه تقريبا (١) ، وقد اعتبر قيام الصّليحي سنة ٤٢٩ وهو يخالف ما في كتابه في غير هذا الموضع فراجع ما نقلناه عنه في حوادث سنة ٤٢٩ وما بعدها إلى سنة ٤٤٠ تجد صنعاء وما جاورها تختلف عليها الولاة والمتغلّبين وقد تخلوا عن السلطة البتة ، ونقل الديبع في قرة العيون (٢) ، خبر ظهور الصّليحي على الأسلوب المتقدّم نقلا عن الخزرجي إلّا أنه قال فلما كانت سنة ٤٣٩ ثار في رأس جبل مسار ومعه ستون رجلا الخ ولا ندري هل اختلاف التاريخ بين ما في تأريخ الخزرجي وبين ما في قرة العيون من تصحيف الكاتب في الأم التي نقلنا عنها أم هو الأصل ، وما أكثر التّصحيف
__________________
(١) تصرفنا بعض تصرف مع المحافظة على معنى الأصل لعدم وضوح بعض الكلمات في النسخة التي نستقى منها ابحاثنا (ص).
(٢) قرة العيون ج ١ ص ٢٤٤.