الخيل في هذا القاع ، وان وقفوا كنتم اصبر فأبوا إلّا التقدم ، فلما صاروا بوادي صوف ، اغتنم الصليحي وأصحابه الفرصة في ذلك فقتلهم هنالك ، وذكروا ان عدة من قتل منهم ألف قتيل منهم سلطانهم ابو حاشد بن يحيى ، وكان حتروش حين تقدموا تأخر هو إلى صنعاء فأمّنه الصليحي وأكرمه واتخذه جليسا ، وكانت قبائل اليمن ذلك الزمان كثيرة العدّ والعدد والخيل والسلاح.
قال مسلّم اللحجي : أخبرني مسعود قال أدركت همدان قبل خروج علي بن محمد الصليحي ودعوته وهم ألف فارس في صنعاء والبون وأعمالهما غير وادعة وبكيل ويام وحجور ، وأدركت عنسا وهم ألف فارس أيضا وبني الحارث بالرحبة وهم خمسمائة فارس ، والأبناء وفيهم ثلاثمائة فارس أو قال خمسمائة أو نحو ذلك ، وقال : وكان ابن الأشجب ، أو قال : الأشجب ملك مسور ولاعة ، وهو من آل المنتاب يأخذ الأتاوة من ملك تهامة كل عام ، فاذا حال الحول بعث لرؤساء همدان من يأتيه بهم ، الى بيت الحراني بناحية مسور ، ثم كتب إلى ملك زبيد ان همدان وحمير قد أتوار لجوائزهم ، فإن اتتهم وإلّا اتوك فيبعث إليهم الأموال ، فيعطيهم منها ويكسوهم فينصرفون ، فلما ملكهم الصليحي ، أذل عزّهم وقتل سراتهم ، وأشرافهم ، وأوطا نخوتهم ، وأخذ الأنفس والأموال واستعبد الذرية والأطفال انتهى (١).
وفي سيرة الامير ذي الشرفين لكاتبها مفرج بن أحمد (٢) قال : لما كان في
__________________
(١) لم نجد ما يؤيد رواية مسلم هذه بل الحال كانت على العكس فإن أحوال بلاد الجبال كانت مضطربة حتى كان نفوذ أمراء الحبشة يتغلغل في صميمها كما أشرنا إليه في حوادث سنة ٤٢٠ وما بعدها ، ولم نقف على اسم الأشجب هذا فرضا عن عظمته المزعومة التي استطاع بها أن يهيمن على همدان وحمير ويضرب الاتاوة على ملوك زبيد ومن العجائب ان هذا المؤرخ عاش حوالي القرن الخامس وكان من السهل عليه تمحيص الأخبار وتحقيقها ولا سيما فيما يتعلّق بالزمن القريب منه.
(٢) هو مفرج بن احمد الربعي من علماء القرن الخامس له سيرة الأمير ذي الشرفين منها نسخة خطية بجامع صنعاء.