غيبة إمام العصر ، وصاحب الدّهر المهدي لدين الله الحسين بن القاسم بقي النّاس في فتن وزلازل وظلمة ومحن في سنة ٤٠٤ إلى سنة ٤٣٧ ، وفيها خرج عدوّ الله علي بن محمد الصليحي متوجّها إلى الحرم ودعا إلى مذهب الإسماعيلية بالحجاز وسلك نجدا في مبتداه وتهامة في منتهاه ، وأجابه إلى ذلك طوائف من حراز وغيره ، وطلع في رأس الحول من قابل إلى جبل مسار ، وذكر خبر اجتماع قبائل حراز واستنكارهم ، ثم إقناعهم وقيام قبائل المغرب تحت رياسة جعفر بن العباس لحرب الصليحي وانهزامهم ، ثم أورد ما خلاصته : ان الرّؤساء من همدان وحمير والاحبوب والمغرب اجتمعوا في بيت معدى كرب ، وحضر معهم الأمير جعفر بن الإمام القاسم وولده عبد الله جعفر وانتدبوا الثاني لقتال الصليحي واختاروا ان تكون الحيمة ميدان حربهم وكفاحهم ، وكان في المحارم من عزلة الحدب ، ولما ألتقى الجمعان ، وتنازل الفريقان كتب النصر للصليحي وخذلت القبائل ، وسقط الأمير عبد الله بن جعفر أسيرا في أيدي القوم. وحمل إلى مسار ثم منّ عليه الصّليحي بعد أن استحلفه وأكّد عليه المواثيق ألّا يعود إلى الخروج عليه ، ثم اجتمعت القبائل والرؤساء مرة ثانية وقرّ رأيهم على إرسال حملة أخرى تحت رياسة الأمير جعفر بن القاسم ، فنهض الأمير إلى صيد البراد ، وهنالك التقى الجمعان فانهزم أصحاب الأمير جعفر بعد قتل مستمر ووقع الامير أسيرا في أيدي القوم فنقلوه إلى مسار ، ثم أن الصليحي أطلعه وخلّى شأنه بعد أن واثقه على ان لا ينصب له حربا ، ولا يقاتل له حزبا (١) ودخلت سنة ٤٤١ فيها هاجت ريح شديدة في شبام حمير فاقتلعت شجر البرقوق واحتملت الكلاب حتى سمع نباحها في الجو ، وهدمت دورا ومساجد فسبحان القادر.
__________________
(١) راجع سيرة ذي الشرفين وهو يخالف ما سبق عمله الخزرجي وما في أنباء الزمن من ان الامير جعفر اشترك في المعركة التي كانت بين الصليحي وجعفر بن العباس فتأمّل (ص).