ودخلت سنة ٤٤٤ فيها سار الإمام أبو الفتح الى عنس فقصده الصّليحي ، فقتله في نيّف وسبعين نفرا من أصحابه في نجد الحاج (١) ودفنوا جميعا في محل واحد برومان في بلد عنس وقبورهم هنالك مشهورة رحمهم الله (٢) قال في أنباء الزمن بعد هذه الحادثة : ودخلت سنة ٤٤٥ الى سنة ٤٤٨ لم يتفق فيهن ما ينبغي ذكره.
فلنرجع الى سيرة ذي الشرفين ، ودخلت سنة ٤٤٤ فيها طلع الصليحي إلى يناع ، وأوقع بالأحبوب وأهل الجبل في يناعة (٣) وظافره أبو الحسين بن مهلهل بن جناح وصعد إلى بيت خولان وطارت الأنباء بهذه الحوادث ، فارتاع لها النّاس ، وفزعت حمير وهمدان وخولان ، وبني الحارث إلى الرئيس حاشد بن يحيى ، وأجمع رأيهم على الصّمود إلى البقاع التي احتلّها الصليحي لإنقاذها والضرب على يده فهرعت جموع كثيرة تحت قيادة أبي حاشد بن يحيى وفي قرية يازل (٤) التقى الفريقان ، ودارت بينهما معركة من أحمى المعارك وطيسا ، سقط فيها أبو حاشد بن يحيى قتيلا وقتل غيره من رؤساء القبائل وسلاطينها وباء العسكر الصليحي بالغنائم الوفيرة ، من خيل وسلاح وعدد ورماح ، وبهذه الحادثة التي قضى فيها على كثير من رؤساء القبائل والعشائر التي لا يستهان بها وبشجاعتها ، طار ذكر الصّليحي واستفحل أمره ، ووجفت فرقا منه القلوب واستكانت له كثير من الرؤوس ، ووافته الأمور ، وانقاد له الحرون ، وتعبّدت أمامه طرق القلب والإستيلاء ، ونهض إلى تهامة ليفتحها ، لما كان يخافه من آل نجاح واهتبالهم الغرّة في اثناء حروبه مع قبائل المشرق فينقضوا على حراز مبعث دعوته ، ومنبع قوته ، فتم
__________________
(١) نجد الجاح بالعرب من رداع ولا يزال مشهده قائما إلى الآن.
(٢) انباء الزمن وسيأتي خلافه.
(٣) يناعه بلد وواد من ناحية خارف قضاء خمر
(٤) من قرى بني مطر في عزله بني سوار على الطريق الغربية لصنعاء.