وصل له الأذى (من إمامه المستنصر بنشر الدعوة) وقد توفي نجاح في التاريخ المذكور آنفا سار الصليحي إلى التهائم فأفتتحها ولم تخرج سنة ٤٥٥ ، إلّا وقد استولى على كافة قطر اليمن من مكة إلى حضر موت سهله وجبله ، وتمنّعت عليه صعدة بعض التمّنع بأولاد الناصر ، ثم قتل القائم فيهم وملكها ، واستقر ملكه في صنعاء وأخذ معه ملوك اليمن الذين أزال ملكهم وأسكنهم معه واختط في صنعاء عدة قصور ، وحلف ان لا يولّي تهامة إلّا من حمل له مائة الف دينار ، ثم ندم على يمنة وأراد أن يوليها صهره ، سعد بن شهاب صنو أسماء بنت شهاب والدة المكرم فحملت اسماء عن اخيها المبلغ المذكور ، فقال لها الصليحي : يا مولاتنا أنّا لك هذا ، قالت : هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب ، فتبسم الصليحي ، وعرف انه من ماله وخزانته ، فقبضه وقال : هذه بضاعتنا ردّت إلينا ، فقالت اسماء : وغير اهلنا ونحفظ أخانا فولّاه التّهائم ، ودخل أسعد بن شهاب زبيد في سنة ٤٥٦ وأحسن السّيرة في كافة الرّعية ، وأذن لأهل السّنة في إظهار مذهبهم ، فكان يحمل الى الصليحي بعد اخراج أرزاق الجند (١) في كل سنة ألف ألف دينار ، وعامل الحبشة ، ومن يتهم بالدّولة النجاحية بالإحسان والصّفح ، حتى زرع محبّته في قلوب الناس وفي أنباء الزّمن. (٢) ودخلت سنة ٤٥٥ : فيها سار الصليحي مكة فانفق فيها نفقة عظيمة وحمل إليها الأقوات والأطعمة العظيمة ورفع منها رسوم الجور ، وظهر منه فعال جميلة ، ثم عاد إلى تهامة ، وفيها أولاد نجاح المقدم ذكرهم فتوارى عنه سعيد الأحول في زبيد ، وخرج جياش ببقيتهم إلى جزرة وهلك ، وجرت له هنالك أمور يطول شرحها ، ولم تخرج هذه السنة ، حتى استولى الصليحي على اليمن سهله ووعره وبره وبحره إلّا صعدة فإنّها أمتنعت عليه بعض الإمتناع بأولاد الناصر ، حتى قتل القائم منهم فاستقر ملكه
__________________
(١) الخزرجي وقرة العيون (ص).
(٢) غاية الأماني ص ٢٥٤.