لليمن جميعه ، واتخذ صنعاء دار ملكه ، وعمر فيها عدّة قصور ، وجمع ملوك اليمن الذين أزال ملكهم على يديه وأسكنهم صنعاء ، واشتد ملكه وبلغت سراريه أربعمائة سرّية ، وكانت سيرته فيما رجع لأمر الدين غير مرضية حكى مسلم اللحجي (١) في تاريخه ما معناه : ان الصليحي لما استقر ملكه في صنعاء بلغه ان أهلها يجتمعون في المساجد ، ويتذكرون قبح سيرته ، وربما خاضوا في شيء من قبح عقيدته ، وأنه قد يعيد مذهب علي بن الفضل بصفته ، فشقّ عليه ذلك ، وتألّم منه كثيرا ، وأمسك أياما ، ثم أمر بتسمير أبواب المساجد ومنع من دخولها ، قال مسلم : أخبرني القاضي ابن عبد السلام بن أبي يحيى (٢) ، أن الصليحي لما أراد النّهوض إلى مصر لزيارة العبيدي ، جعل أمواله وذخائره المعدّة لسفره في المسجد الجامع واتخذه خزانة لذلك وملأه بالصناديق وسائر الأحمال فعاجله الله بالنقمة وقتل في سفره ذلك كما سيأتي.
ودخلت سنة ٤٥٨ فيها قام الحمزة بن ابي هاشم لمحاربة الصليحي في ثمانية آلاف راجل ، وخرج لقتاله عامر بن سليمان الزّواحي في ألف وخمسمائة فارس وخمسة عشر ألف مقاتل ، فوقعت بينهم عدّة حروب قتل فيها خلق كثير ، وفي اخرها قتل الحمزة عليه السلام في موضع يعرف بالمنوى من بلاد الخشب وهو واد ضيق التجأ إليه الحمزة وأصحابه ، فأخذ عليهم الصليحي أعلا الوادي وأسفله ورموهم بالنبل والحجارة حتى أثخنوهم ، ووقف بين يدي الحمزة سبعون شيخا من همدان يجالدون دونه حتى قتلوا عن آخرهم ، رحمه الله ، ولم تطل مدة الصليحي بعد قتل الحمزة عليه السلام ، ثم قتل في أواخر هذه السنة ، وقام بثأر الحمزة ولده علي والمحسن بن
__________________
(١) لا يزال النقل عن انباء الزمن.
(٢) في غاية الأماني بزيادة احمد بن عبد السلام وهو اخو العامر جعفر بن عبد السلام.