سليمان بن عامر الزّواحي ، وأشار على الدّاعي سبأ بمراجعة إمامه المستنصر (١) العبيدي ، فانصاع الداعي الى مقترح الزّواحي ، ورجع بجنوده المسخرة الى مقره بحصن أشيح وبادر بإرسال رسولين ، ومعهما هدية نفيسة وزوّدهما بكتاب إلى المستنصر فما كان بأسرع من عود رسولي الدّاعي ومعهما جواب المستنصر ورجل آخر موفد من قبل الخليفة ، يحتّم على السّيدة قبول الدّاعي سبأ زوجا لها ، ولمّا مثل رسول الخليفة بين السيدة ، وعندها وزراء دولتها ورجالها أبلغها سلام أمير المؤمنين ، وما منحها من الألقاب وأفاض عليها من النّعوت ، وبعد ذلك قرأ عليها قرار مولاه ، ونصّه (٢) : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا ان تكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعصى الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا (٣) وقد زوّجك أمير المؤمنين الأوحد الدّاعي المنصور المظفر ، عمدة الخلافة ، أمير الأمراء أبي احمد سبأ بن احمد بن المظفر على ما حضر من المال ، وهو مائة ألف دينار وخمسون ألفا اصنافا (٤) ، وعلى كره قبلت فهرع الدّاعي سبأ إليها في جموع كثيرة ، وأقام بذي جبلة شهرا والحرة السيدة تنفق عليه وعلى أصحابه النّفقات الواسعة ورأى من علو همتها ما حمله على النّدم على خطبتها ، ثم أرسل إليها سرّا ان تأذن له بالدخول إلى دارها ليتوهم الناس أنه قد خلا بها ، فأذنت له بالدّخول الى بعض مقاصير الدّار ، وبعثت إليه جارية تشابهها ، وعرف الأمير سبأ حيلتها فقعد لا يرفع طرفه إلى الجارية وهي قائمة على رأسه ، فلما أصبح رفع مخيمه ورجع إلى حصنه ودخلت سنة ٤٨٥ وفيها مات زريع بن العباس
__________________
(١) المستنصر هو معد بن علي بن الحاكم بأمر الله الفاطمي تولى الحكم صغيرا سنة ٤٢٧ وتوفي سنة ٤٨٧.
(٢) الآية ٣٦ سورة الأحزاب.
(٣) الخزرجي وأنباء الزمن (ص).
(٤) جمع صنف وهي القطعة من القماش.