فلو أن مولانا (١) معدا أتاكما |
|
بعزل تولى الكل منا وأدبرا |
ولا تفرقا من لغة والداكما |
|
وعودا الى عقليكما وتدبرا |
فإن انتما انكرتما ما نظمته |
|
فصدقي غدا من طلعة الشمس أشهر |
فلما مات (٢) الداعي سبأ خرجت صنعاء وأعمالها عن مملكة الصليحيين ، واستولى عليها السلطان الأجل حاتم بن الغشم المغلسي سنة ٤٩٢ ، وكان ناهضا كافيا معدودا من كملة الرّجال ، وكان له من الولد ثلاثة ، وهم محمد وعبد الله ومعن ، فقام ولده محمد بكثير من أعمال أبيه في حياته ، وكانت له حظرات جنونية منها ، أنه سمع يوما ضرب الطبول وأصوات المزامير فاهتز لذلك ، وأخذته الأريحية فلبس لامة حربة ، وركب جواده ، وأمر همدان بالرّكوب ثم خرج بهم يريد نجران ، فقالوا : أن بيننا وبين نجران مسافة بعيدة ، وليس معنا عدّة ولا زاد ولا رواحل ، فقال : لا بد من ذلك ، فقالوا : دعنا نعود إلى صنعاء نتجهز ونعود إليك ، فقال : صبوا دروعكم هاهنا ، ففعلوا فسمّي ذلك الموضع مصبّ الدّروع من ذلك اليوم ، ثم رجعوا إلى صنعاء وخرجوا فسار بهم إلى نجران فاستباحها وعاد إلى صنعاء.
ومنها انه كان إذا تزوّج امرأة وأحبّها قتلها ، فتحاماه النّاس وامتنعوا عن تزويجه ، ثم انه خطب إمرأة من بني الصّليحي أهل قيضان (٣) ، فلم يزوجوه إلّا بعد ضمان والده وكفالته مع جمع من رؤساء العرب ، وأخبره والده انه مقتول بها ان قتلها ، فقبل الولد ذلك ، وأقامت عنده ما شاء الله ، ثم قتلها ، وفرّ إلى حصن براش خوفا من أبيه ، فلم يزل أبوه يخادعه حتى نزل إليه فقتله ، واحتز رأسه وحمله على رمح ودخل به صنعاء ، ولما فوجئت ابنة المقتول برأس ابيها جنت وحزن عليه أبوه ورثاه بأبيات منها :
__________________
(١) نزهة الأخبار والمراد بمعد الخليفة الفاطمي.
(٢) قرة العيون والخزرجي وابناء الزمن.
(٣) قيضان : حصن خارب من جبل بني الحارث من بلاد يريم.