جعفر بن موسى الصّليحي عن ثمان وثمانين سنة ، وكان مولدها سنة ٤٤٤ ونشأت في كفالة الحرة اسماء بنت شهاب (١) زوجة المكرم علي بن محمد الصّليحي وكانت موضع عنايته وعطفه ورعايته ، وكان يقول لزوجه أسماء : هذه والله كافلة ذرارينا ، القائمة بهذا الأمر لمن بقي منا ، فأدبتها أسماء أحسن أدب ، وهذبتها أكمل تهذيب حتى كملت محاسنها ، وكانت قارئة كاتبة حافظة للأشعار والأخبار عارفة بالأنساب والتّواريخ وأيام العرب ، ولما عرفت به من رجاحة العقل وحسن التدبير للملك ، كان يقال لها : بلقيس الصّغرى ، وبموتها أنقرضت الحكومة الصليحية بعد أن حكمت قرابة قرن سخّرت البلاد لمصالحها ، وتركت الأمة اليمنية ، تعيش في جوّ مختنق وميدان ضيق ، رهن القواعد المرسومة ، والنّظريات المعلومة من دعاة الأسماعيلية ، وكانت الطبقة المتسيطرة ، تتلاعب بعقول العامة وتستأثر بكل موارد العيش ، ومرافق الحياة ، وتتمتّع بجميع وسائل الرفاه ، تحت ستار الدّعاية الإسماعيلية ، ولذلك تفككت عرى القومية وتلاشت العقلية ، والمنتجات الفنية ، وفقدت ملكة الإبداع والابتكار ، وأصبح الإيمان بمزاعم الدعاة ، يفرض على النّاس فرضا فتشابهت نتائج الأفكار كتشابه ميادين الحياة أيام تلك الحكومة ، ولله الأمر من قبل ومن بعد :
رويدا انها دول |
|
تدول وبعدها أخر |
يظل الحق منهزما |
|
زمانا ثم ينتصر |
وقبرت (٢) السيدة الملكة بالجامع الذي انشأته بذي جبلة غربي المقدّم ، وانتقل ما كان بيدها من الحصون والذّخائر والأموال إلى المنصور بن
__________________
(١) قال الجندي ان أحمد بن جعفر الصليحي مات تحت الهدم بعدن وهي إذ ذاك صغيرة فضمها علي بن محمد إلى زوجته أسماء (ص).
(٢) هذا البحث إلى نهايته منقول من قرة العيون ، وفي انباء الزمن أن للسيدة الجناح الشرقي بجامع صنعاء وهي حقيقة لم يتكلم عليها أحد قبله فيما وقعت عليه أيدينا من المصادر وقد سبق الكلام على هذا في حوادث سنة ٢٦٥ (ص).