مقابرهم ليثيرهم على الخلاف والخروج على الإمام فاجتمع له منهم جماعة ، وانضم إليهم غيرهم ، وقصد الإمام الى الجبجب ولما نشبت الحرب انهزم أصحاب الشريف ، وعادوا أدراجهم ، وفي ذلك يقول الإمام من قصيدة يعاتب بها الأشراف منها :
وغشيرتي متربّصون جميعهم |
|
بي عثرة في وقت كل عثار |
لم آتهم بنكاية بل جئتهم |
|
بزيادة في المال والمقدار |
ولم يزل مقيما بالجبجب حتى بلغه ان أهل الحقل وبعض قبائل صعدة وغيرهم تجمعوا وأجمعوا على الخلاف ، فأغضبه ذلك وسار إلى البطنة فنزل على الشيخ حسن بن قيس وأقام عنده إلى آخر سنة ٥٣٨ ، وفي ذي الحجة منها أرسل الإمام إلى كافة الشرفاء بني علي بمكة قصيدة يدعوهم بها إلى الجهاد ودخلت سنة ٥٣٩ فيها فتك السلطان هشام بن نباتة النّجراني بالسلطان روح بن زريع ، وكان الإمام قد عقد له أمانا فأغضبه هشام بن نباتة المذكور فجمع القبائل وسار إلى نجران لحربه وتأديبه ، ولما وصل نجران أخرب دور المعتدين وقطع نخيلهم وتمّ له ما أراد من تأديبهم ، ثم رجع إلى البطنة وبعد أيّام انتقل إلى هجرته بحيدان ، فأقام بها سبعة أشهر ألف فيها كتابه المشهور بحقائق المعرفة في علم الكلام. قال الشرفي في اللآلىء المضيئة وهو كتاب جيّد التّصنيف حسن التأليف ، ووفد عليه أثناء تأليفه الشيخ ابو الحسين بن أبي القاسم من ناحية بلاد عنس وجماعة معه فتعلّموه ونسخوا الكتاب وأعجبوا به (١).
ودخلت سنة ٥٤٠ فيها ظهرت بصعدة منكرات وأمور قباح ، وكانت ولاية صعدة إلى آل الشمري ، فراسلهم الإمام وحذّرهم عاقبة الغي والضّلال فلم يكترثوا بنصحه ونهيه ، ولما تحقق له ذلك ، جمع خولان لغزوهم ،
__________________
(١) من هذا الكتاب عدة نسخ خطية في مكتبة جامع صنعاء وغيره انظر كتابنا مصادر الفكر الإسلامي ص ٥٣٥.