من الإمام الزّحف على صنعاء ، فاغتنم الفرصة ونهض بذلك الجمع فسلك طريق براقش ومر بوادي محرز ، ثم طلع نقيل سامك (١) وكان حاتم بن أحمد قد عهد بمحافظة النقيل إلى أهل السّر وخوفهم من الإمام وجنوده فانتدب منهم جماعة لصد من يقصدهم ، ولزموا رأس النقيل ، وبينما هم كذلك إذ عاينوا الإمام وجنوده يصعدون النّقيل ، فتركوا مواضعهم ، واستقبلوا الإمام بالطاعة وطلب (٢) الأمان فأمّنهم ، ونزل بموضع يقال له دار الخروب ، وهي أطلال قديمة ، ثم واصل سيره إلى أن وصل غيمان من بلاد بني بهلول من الأنباء فبايعته الأنباء وجاءته بنو شهاب في عساكر كثيرة الى غيمان فبايعوه واستنهضوه إلى بلادهم ، فسار إلى حدّة بني شهاب ، وأقام بها أياما ، ثم وصله السلطان سلمة بن الحسن الشّهابي ، وسلّم له بيت بوس ، فانتقل إليه الإمام ومكث فيه أياما يراسل القبائل البعيدة كمذحج ، والهان ، وبكيل ، وغيرهم لمهاجمة صنعاء ، وفي أثناء هذه المدة أرسل بعض خدمته إلى صنعاء ليبتاع له ورقا وصابونا فعلم به السلطان حاتم وطلبه اليه وسأله عن الإمام وقوته ، ثم سلم إليه كتابا إلى الإمام كتب فيه (٣) :
أبا الورق الطلحي (٤) تأخذ ارضنا |
|
ولم تشتجر تحت العجاج رماح |
وتملك صنعا وهي كرسي ملكنا |
|
ونحن بأطراف البلاد شحاح |
فلما وقف الامام على البيتين ، قال : نعم نأخذها إن شاء الله ، وسرّح الجنود لفتحها من ساعته وبقي في بيت بؤس ، وكانت همدان قد اجتمعت بصنعاء فدارت رحى الحرب ، واستمر الطّعن والضّرب على جوانب المدينة ، ثم إن اهل السّرار من أهل صنعاء دخلوا الجامع الكبير وأظهروا الخلاف ،
__________________
(١) سامك : بلد وواد في سنحان.
(٢) كذا ولعل الصواب «وطلبوا».
(٣) البيتان في العسجد ص ٧٥ وقرة العيون ج ١ ص ٢٩١ وغاية الأماني ص ٣٠٢.
(٤) الطلحي : القراطيس مفردها الطلحية (مولدة).