صنعاء في شهر شعبان (١) سنة ٥٥٢ ، ولما بلغ الموضع المعروف بنجد الشرزة أو نجد شيعان (٢) ، تلقّته جنود حاتم بن احمد ، وهنالك تلاحم الفريقان ، وتدانى الجمعان ، واستحر الطّعن والضرب ، وكادت الحنود الإمامية أن تولّي الأدبار ، فابتهل الإمام الى الله سبحانه ، وكان من جملة دعائه ذلك اليوم قوله : (اللهم انه لم يبق إلّا نصرك اللهم أن يظهر علينا القوم يذهب دينك) فأرسل الله تعالى ريحا عاصفا من جهة المشرق قابلت وجوه أعدائه فكانت الهزيمة عليهم ، وصاروا درئة لرماح الجند الأمامي ، ومرمى لطعانهم حتى انجلت المعركة عن خمسمائة قتيل وخمسمائة أسير من اصحاب حاتم بن احمد ، وتعقّبهم جند الإمام إلى صنعاء وخشى الإمام على صنعاء وأهلها من معرة الجند الفاتح ، فبات على غيل ابن الاسود (٣) ، ثم نهض وجعل المعسكر بالحصة (٤) لئلا يضر الجند بأحد في المدينة وقد أمنّها وأمر بخراب درب غمدان ، وكان حاتم قد حصّنه وبالغ في إتقانه وطلب له رجل من مصر وبذل من الأموال في تشييده ما لا يحصى قال كاتب (٥) سيرة الامام المتوكل انه لم يبن في اليمن مثله ، وإلى حادثة الشرزة المذكورة وما تقدّمها من الأحداث أشار صاحب البسامة بقوله
واحمد بن سليمان فما رضيت |
|
بعلا به وهو مرضي لدى (٦) البشر |
دعا وكان إماما سيّدا علما |
|
برّا تقيا ومن كل العيوب بري |
__________________
(١) في انباء الزمن ان هذه الحادثة كانت سنة ٥٥٠ والأرجح ما ذكرناه اعتمادا على ما في سيرة الامام المتوكل.
(٢) شيعان : قرية مشهورة في سنحان جنوب شرقي صنعاء بمسافة ١٨ ك. م.
(٣) هو الغيل الأسود بهريشق صنعاء من جانبها الغربي ومنابعه من سفح الجبل المعروف بحدين جنوبي صنعاء على مسافة ساعة واكثر سقيه في شمال شعوب وقد اندثر هذا النهر (انظر الحجري معجم البلدان ص ٧٨).
(٤) موضع شمالي صنعاء على مسافة نصف ساعة للراجل (الحجري ص ٢٦٢).
(٥) هو العلامة المؤرخ سليمان بن يحيى الثقفي.
(٦) في نسخة من البسّامة «من».