ولما علم بذلك الإمام تقدّم إلى حوث ، ثم سار إلى بهمان (١) في جماعة من الأشراف الهادويين والشيعة ، فخرج أصحاب فليته بن العطاف النهمي في لقائه الى بهمان ، وبادرهم أصحاب الشّريف فليته وأحاطوا بالإمام ومن معه فلم يثبت من أصحاب الإمام إلّا نفر قليل ، دخل بهم درب القدمان ، فاحاط به القوم إحاطة السّوار ، وتخاذل بقية من ثبت معه ، حتى لم يبق معه غير ثلاثة رجال فأسروه ونهبوا ما معه ونقلوه إلى اثافت ، فبقي بها أياما ، ثم ان السّلطان علي بن حاتم كاتب الأشراف وقبح فعلهم ، واستثار حماسة السلاطين بني الدّعام ورجالات نهم وغيرهم ، وأمرهم بالإجتماع والحركة لإخراج الإمام ، وكانت زوجة الإمام ابنة فليته بن العطاف النهمي ، قد قصدت السّلطان مؤمل بن جحاف النّهمي تحثّه على جمع قبائل بكيل لإستنقاذ الإمام ، فسارع مؤمل وجمع زهاء ألف وخمسمائة رجل من بكيل جلّهم من الرؤساء وأهل النّجدة والبأس ، وقصد الشريف فليته إلى أثافت ، وكان إخوة الشّريف المذكور ، قد خرجوا للسباق فتأمر البكيليون أو يطلق الإمام ، ولما عرضوا عليه حاجتهم ، وعرف ما إئتمروا به اضطر إلى التّنازل ، واطلق الإمام ، بعد أن أخذ منه العهد ومن أصحابه أن يذهب الى الشّام وإلّا يبغيه شرّا ، فخرج الى خيوان ثم سار إلى حوث ، فأقام بها أيّاما ، وقصد صنعاء بعد أن كتب إلى صاحبها السلطان علي بن حاتم من حوث بما لحقه من الشرفاء ومن وازرهم بهذه القصيدة.
أبنيّ اني في الحياة وبعدها |
|
أوصيك ان أخا الوصاة الأقرب |
لا تنسين أباك يعثر بينهم |
|
أعمى يدبّ على اليدين وينكب |
ويجرّ للحبس الشّديد وبعده |
|
يؤذى بكل كريهة ويعذّب |
لكنني أسد فروس ناله |
|
كمه العمى فسطا عليه الثعلب |
وكذلك الثّعبان يجرح بعضه |
|
فالذر يتبع جرحه والجندب |
__________________
(١) موضع يقع في خيار حاشد جنبوي حوث.