ورد على المأمون كتاب عامله على اليمن ، بخروج الأشاعر (١) وعك (٢) عن الطاعة ، وهم جلّ عرب تهامة فوجه المأمون محمد بن عبد الله بن زياد أميرا ، وارسل معه المرواني وزيرا ، والتغلبي حاكما ومفتيا ، وهو جدّ القضاة آل أبي عقامة قضاة زبيد ، فخرجوا من بغداد في الجيش الذي أنفذه المأمون لحرب ابراهيم بن المهدي فحج ابن زياد ومن معه سنة ٢٠٣ وسار إلى اليمن ، ففتح تهامة ، واختط مدينة زبيد في شعبان سنة ٢٠٤ سنة أربع ومائتين وجرت بينه وبين عرب تهامة معارك هامية ، كتب له فيها النصر فأذلّهم ، وكان وزيره المرواني فضرب المثل في الدهاء والحزم ، فكان يقال ابن زياد بجعذة قال عمارة : وإليه ينسب مخلاف جعفر وهو الذي اختط مدينة المديخرة (٣) بجبل التومان (٤) وقد غلّطه الجندي (٥) وقال : (ان الذي اختط مدينة المذيخرة الأمير جعفر بن ابراهيم بن ذي المنار المناخي ، وإليه ينسب المخلاف والمناخيون ملوك ريمة (٦) وقياض ويعرفون في عصرنا بسلاطين قياض) (٧) وكان المأمون قد عهد إلى ابن زياد بولاية البلاد التهامية ، وما استولى عليه من بلاد الجبال ، وبادر ابن زياد بإرسال وزيره الأموي إلى بغداد بهدايا (٨) وتحف وأموال وفيرة إلى المأمون في السنة الثانية من وصوله اليمن فحج الأموي وقصد بغداد بما حمله من اليمن ، فسرّ المأمون بذلك وأعاده في السنة السادسة ، وأصحبه بألفي فارس فيهم من مسودة خراسان تسعمائة فارس
__________________
(١) الاشاعر قبيلة مشهورة من قبائل اليمن وهو ولد الأشعر بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد بن كهلان بن سبأ. ومساكنهم وادي زبيد والحجري ص ٧٩.
(٢) من قبائل اليمن من ولد عك بن عدنان بن عبد الله بن الازو.
(٣) المذيخرة : من بلدان العدين.
(٤) الثومان : غرب مدينة ذي السفال بمسافة خمس ساعات.
(٥) قلت ومنهم من يغلط عماره ويجعل الصواب قول الجندي.
(٦) ريمة : هي ريمة المناخي حصن منيع يقع غربي المذخيرة.
(٧) انظر السلوك ج ١ ص ٢١٧.
(٨) في الأصل بهذيا «سهوا».