المبرّات كلفا بالعمران ، أختط مدينة الكدرا في وادي مهام ، ومدينة المعقر ، على وادي ذؤال ، وعمر الجوامع الكبار ، والمنائر الطوال في المدن ، وحفر الآبار والقلب العادية ، وعمل المصانع وبنى الأميال والفراسخ والبرد في الطرقات ، من حضرموت إلى مكة نحو ستين مرحلة في كل مرحلة جامع (١) ومأذن وبئر ، وجدّد عمارة جامع عدن وعمر مسجد الجند المشهور ، وقال الخزرجي نقلا عن عمارة ما لفظه : وللحسين بن سلامة في طريق مكة العليا عدّة مآثر ، فيها جامع الجوه ثم مسجد الجند المذكور ، ثم ذي اشرق ، ثم إب ، ثم النقيل ، ثم ذمار ، ثم ما بين ذمار وصنعاء مسافة خمسة أيام (٢) ، في كل مرحلة منها بناء ، ثم جامع صنعاء وهو جامع عظيم ، ثم من صنعاء إلى صعدة عشرة أيام ، في كل مرحلة من ذلك جامع (٣) ، ثم عقبة الطائف وهي مسيرة يوم للطالع من مكة ونصف يوم للهابط إلى مكة عمرها حسين بن سلامة عمارة متقنة يمشي في عرضها ثلاثة أجمال بأحمالها ، ثم أورد مآثره على طريقي تهامة الساحلية والوسطا ، وسور مدينة زبيد ، وهو أول من سوّرها ، وقد أطال المؤرخون فيه ، حتى قال الخزرجي : وأخبار الحسين بن سلامة في اليمن تستغرق مجلدا بل مجلدات : وكان ملكه نحوا من ثلاثين سنة
__________________
(١) هكذا روى الخزرجي وغيره ، ولم نجد ما يفيد ان نفوذ الحسين بن سلامة امتد هذه المسافة (ص).
(٢) المسافة ما بين ذمار وصنعاء ثلاثة ايام (ص).
(٣) فيما ذكره عمارة مجازفة ظاهرة فإن البلاد في عصر الحسين بن سلامة كانت في أعاصير هو جاء وزوابع غير مريحة وعلى الخصوص بلاد الزيدية ، ولم يكن له نفود ظاهر عليها ، وهذه المباني تتطلب الهدوء طبعا ، أضف إلى ذلك إنا لم نجد في كتب التاريخ التي بأيدينا ما يدل على حدوث ما ذكره عمارة فيما بين صنعاء وصعدة ، وبين زبيد وصنعاء ومن البعيد ان تزول آثار هذه المباني وتندرس من عرض البلاد وطولها ، ولا يذكرها احد بحرف اولا يعلمها إلّا عمارة ، وعنه نقل أكثر المؤرخين ، ولكن على اسلوبهم المعهود من مجانبة النقد والتمحيص. وتحكيم العقل ، واذا عرفت ان عمارة ارّخ لليمن فيما علق بفكرة والفكر يخون وهو بمصر زال الاشكال (ص).