ومكاتبتهما له شكاهما إلى سيده مرجان ، فقبض مرجان عليهما وسلمهما إلى نفيس فأخذهما وعمر عليهما جدارا وهما قائمان يناشدانه الله عز وجل حتى ختمه عليهما ، فكان آخر العهد بهما وذلك سنة ٤٠٧ سبع وأربعمائة (١) ، وهكذا ختمت الحكومة الزيادية بمأساة مريعة بعد أن حكمت زيادة عن قرنين فسبحان من يغيّر ولا يتغير :
وكان حصن وإن طالت اقامته |
|
على دعائمه لا بد مهدوم |
وكان نجاح يوم هذه المأساة غائبا بالأعمال الشامية ، وكان هذا الولد وعمته آخر من ولي من آل زياد ومدّة ولايتهم مئتا سنة وثلاث سنين من تأريخ اختطاط مدينة زبيد سنة ٢٠٤ ، وكان بنو زياد لما علموا باختلال الدولة العباسية من قتل المتوكل ، وخلع المسنعين تغلّبوا على ارتفاع اليمن ، وركبوا بالمظلة وساسوا قلوب الرعية بإبقاء الخطبة لبني العباس ، ولم يزالوا على ذلك إلى التاريخ المذكور والله أعلم.
قال الجندي : وذكر المعلق أن الحسين بن سلامة توفى سنة ٣٠٤ بزيادة سنة على ما ذكره عمارة.
(واعلم أن هذه الأخبار يدخلها الصّدق والكذب والزيادة والنقصان (٢)) وسبب ذلك اختلاف النقل ، ثم اختلاف كتب التاريخ ، قد يكون المصنف واحدا والتصيف واحدا ، ويختلف ما يوجد باحدى النسخ عن الأخرى ، ويعرف
__________________
(١) راجع الخزرجي والجندي وقرة العيون
(٢) بهذا الاعتبار وهذه الفكرة دون القدماء كتب التاريخ للتسلية وقتل الوقت ، وقد شبهوا المؤرخ بحاطب ليل ، فجاءت غالب مدوناتهم في هذا الفن كثيرة الأغلاط ، ركيكة الأساليب طافحة بالمبالغات مملوءة بالمزاعم والخرافات لا تسقط منها على حقيقة ، إلّا بعد إدماء الجفون وتقريح المحاجر وتقليب مئات الصفحات وعشرات المجلدات وقد تخرج بعد العناء الشديد مضطرب الفكر حيرانا وهنا يشكو الجندي تضارب اخبار المصادر واختلاف الرّوايات التاريخية ، ولكنه يعد ذلك من لوازم كتب هذا الفن كما ترى (ص)