وفي أنباء الزّمن (١) ان الذي حارب يعفر بن عبد الرحيم هو هرثمة وانه بقي إلى أن مات الواثق سنة ٢٣٠ ، وقام بعده المتوكل فاستعمل على اليمن جعفر بن دينار ، فأقام فيها أياما واستخلف ولده محمد ، وخرج إلى العراق ، فلم يزل ولده محمد على اليمن حتى قتل المتوكل واستمر على اليمن مدة المنتصر والمستعين والمهتدي إلى أيام المعتمد ، فكتب الموفق وكان هو المتولي شؤون الخلافة إلى الأمير محمد بن يعفر الحوالي بولاية اليمن فوجّه عماله على المخاليف ، وفتح حضرموت ، وكانت قد تمنعت من قبل ، قال الخزرجي : هذه رواية الشريف ادريس (٢) في كتابه «كنز الأخبار» ، وقال الجندي : لما مات الواثق وقام بالأمر بعده المتوكل أقر جعفر بن دينار على اليمن مدة ، ثم عزله واستعمل حمير بن الحرث فلم يتم له الأمر مع الأمير يعفر بن عبد الرحيم وعاد حمير إلى العراق هاربا ، واستولى يعفر بن عبد الرحيم على صنعاء ومخاليفها ، وقتل المتوكل عقيب ذلك إلى أن قال ولما ولي الخلافة المعتمد على الله واستوثقت له البلاد ، وامتدت أيامه ، أخذ البيعة له في اليمن الأمير محمد بن يعفر بن عبد الرحيم الحوالي ، وتابع له الخطبة ، فلما وصل خبره إلى المعتمد كتب إليه بنيابته على صنعاء ومخاليفها ، فغلب على صنعاء والجند وحضرموت وكان مع ذلك يوالي ابن زياد ويحمل إليه الخراج ، ويظهر أنه نائب عنه لعجزه عن مقاومته ، وكان وصول كتاب المعتمد سنة ٢٥٧ سبع وخمسين ومائتين ، فأقام على عمله إلى سنة ٢٦٢ ، وعزم للحج واستخلف ابنه ابراهيم بن محمد.
وفي أيامه حصل في صنعاء سيل عظيم وهو السيل الثاني في الإسلام وأخرب دورا كثيرة.
قال الجندي (٣) : وفي سنة ٢٦٥ بنى الأمير محمد بن يعفر جامع صنعاء
__________________
(١) غاية الأماني ص ١٥٤.
(٢) من كبار المؤرخين توفى سنة ٦١٤ وسيأتي ذكره في الكتاب.
(٣) النقل هنا بواسطة الخزرجي في العسجد ص ٣٣.