المقام بينهم ولا أستحل أقاتل بهم) وامر برد جميع ما نهب ، وارسل إلى أهل اثافت ، من كان له شيء فليحضر يأخذه ، فجعل أهل اثافت يحضرون فيتعرفون على امتعتهم فمن كان له شيء اخذه حتى استكملوا جميع ما أخد عليهم (١).
ولأن الإسلام في نظره عليه السلام كما قال بعض الصّحابة رضوان الله عليهم ، حائط منيع ، وباب وثيق ، فحائط الإسلام العدل وبابه الحق فإذا انقض الحائط وحطم الباب استفتح الاسلام ، فلا يزال الإسلام منيعا ما أشتد السلطان ، وليس شدّة السلطان قتلا بالسيف ولا ضربا بالسوط ، ولكن قضاء بالحق واخذا بالعدل) انتهى.
وما الدين إلا أن تقام شرائح |
|
وتؤمن سبل بيننا وهضاب |
وهكذا فهم أسلافنا روح الدين ولبابه وبذلك اخترقوا صفوف الأمم واختطوا ديارها ، فاستولوا على المالك أحقابا وأخذوا إمرة الأرض اغتصابا ، وعنت لهم الوجوه إكبارا وإعجابا ولله القائل :
نصر الله أمة اذ تولى |
|
أمرها العادلون بين الخلائق |
وكماة في المكرمات تباروا |
|
وهم الأسد في صدور الفيالق |
دوّخوا الأرض وطّدوا الملك |
|
قاموا بفروض الكتاب تحت البيارق |
ثم عزوا والملك صار عضوضا |
|
فاستكنوا كأنهم في حدائق |
وإذا الظلم والفساد اقاما |
|
نضب الحوض من حماة الحقائق |
__________________
(١) كان الإمام الهادي من أحرص الناس على نصرة الحق ونشر العدل ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم ، مهما كلفه الأمر وما ذاك إلّا لعظم شعوره بتبعة ما تحمله من أعباء الخلافة والإمامة عملا بقوله تعالى : (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ).