منهم ابن عباد رئيس الاكيليين (١) ، فلما علم بوصول الإمام وما ينويه من العزم لتأديب الثائرين بنجران أراد تثبيطه ، وبذل كل مجهود في صدّه عن المسير ، وصمّم الإمام على المضي إلى ما أتجه إليه فأيس ابن عباد ، وعرف انه اخفق مسعاه في التّثبيط والمخادعة ، ولم يبق أمامه غير الظهور بالخلافة ، فاعلن بذلك وثار بمن معه داخل بلد صعدة ، فقابله بعض أصحاب الإمام ، وقضوا على ثورته سريعا ، ثم تجهز الإمام وخرج أوّل ذي الحجة سنة ٢٨٦ ، ولم يلبث ان دخل نجران في عسكر عظيم ، فكانت له هناك وقعات هائلة ، منها وقعة الحضن وميناس (٢) والهجر وغيرها ، دارت رحى معظم هذه المعارك على سيف الإمام وبسالته ، فإنه اقتحم ثيج الحروب فيها بنفسه ، واعتمد بعد الله على سيفه قال السيد العباسي عند الكلام على وقعة الهجر ما لفظه (٣) :
كسر الهادي ثلاثة أرماح في القوم ، ثم ضرب بسيفه حتى امتلأ قائم سيفه علقا ولصقت أنامله على قائم السيف ، وفي ذلك يقول الإمام من قصيدة أولها :
طرقت لعمرك زاهر مولاها |
|
والحرب مسعرة يشب لظاها |
ومنها :
نحن الفواطم لهونا طعن القنا |
|
ومدامنا حرب تدور (٤) رحاها |
هلا سألت فتخبري اذ لم تري |
|
اذ سار يطلب مهجتي أعداها |
__________________
(١) من خولان.
(٢) ميناس من حصون نجران المشهورة (ص).
(٣) سيرة الهادي ص ١٧٠.
(٤) السيرة تدور.